ولا يخفى ان البحث يكون في صورة تحقق التقليد بالعمل على طبق فتوى الأول وكيف كان فقد استدل على عدم جواز العدول بوجوه.
الأول باستصحاب تنجيز الرّأي للسابق بعد الشك فيه لأنه إذا قلد ابتداء من يقول بوجوب السورة في صلاة الاحتياط ثم أراد العدول إلى من يقول بعدم وجوبها فيها يكون له الشك في بقاء الحكم السابق بعد تنجيزه لأنه لا يعلم انه هل يجوز له الرجوع إلى غيره أو يكون حكمه السابق باقيا.
وقد أجاب الشيخ الأعظم قده عنه بان استصحاب التخيير الابتدائي حاكم على هذا لعدم بقاء الشك معه في جواز العدول كما كان جائزا في بدو الأمر ونحن نقول ان الواقع بعد كون الرّأي طريقا إليه لا يفرق فيه بين كونه عن رأي هذا المجتهد أو ذاك ولا وجه للاستصحاب بالنسبة إليه فكما أن رأي الأول طريق فكذلك رأي الثاني ولا يوجب مصلحة في ذات الواقع.
وعلى فرض الموضوعية بالنسبة إلى الرّأي فيكون الرأيان من باب المتزاحمين في المصلحة فيكون مخيرا بينهما فلا وجه لدخل الأخذ في تغيير الواقع عما هو عليه والحاصل كلا الرأيين متساويان بالنسبة إلى تنجيز الواقع ولا مرجّح للأول منهما لعدم توليد مصلحة في الواقع من جهته نعم ان قيل بان نفس العمل صارت من مرجحات العمل برأي الأول فللقول باستصحابه وجه ولكنه غير ثابت.
وقد يشكل على استصحاب التخيير بتعدد الموضوع (١) لأن التساوي بين الرأيين كان قبل الأخذ بأحدهما ومن المعلوم ان الرّأي بعد الأخذ غير الرّأي قبله
__________________
(١) أقول وقد عبر عنه بعض الأعيان بأنه من استصحاب الكلي في الفرد المردد لأن الأخذ ان لم يؤثر شيئا فالتخيير باق قطعا وان أثر فهو لا يكون باقيا قطعا وعنوان التخيير الكلي لا أثر له.
ولكن يمكن ان يقال ان الأخذ لا أثر له في المصلحة وليس الأصل مثبتا لأن التخيير حكم تعبدي طريقي (لقوله عليهالسلام اذن فتخير) فإذا كان المستصحب نفسه الحكم لا نحتاج إلى الأثر الشرعي غيره فجريانه لا إشكال فيه.