ومن العجب عدم الفرق بين ناقل الرواية ومنصب الإفتاء ونشأ هذا الزعم عن خيال ان المفتي هو الّذي ينقل الأحكام ويبين الواجب والحرام فقط وعدم التوجه إلى ان هذا المنصب منصب مجعول من قبل الله تعالى للفقيه حق الفقيه بولاية كلية إلهية خلافة عن الإمام عليهالسلام الّذي يكون له الولاية الكلية في الواقع ويكون المفتي هو المتصرف في أمور الاجتماع من سياستهم واقتصادهم وساير ما يكون في عهدة وإلى الأمر في إدارة عيشة المجتمع الدنيوية والأخروية.
فكيف يمكن ان يكون هذا المنصب مع علوه في عهدة ناقصات العقول وعلى فرض الشك أيضا فالأصل كما مر يقتضى التعيين لعدم حجية بناء العقلاء عندنا فيه.
واما البلوغ فقال المناقش انه أيضا لا دليل عليه بالخصوص لأن عمدة دليل حجية الخبر بناء العقلاء كما ان عمدة أدلة حجية الفتوى الفطرة والسيرة العقلائية والكل على قبول خبر الثقة ورجوع الجاهل إلى العالم بالغا كان أو غيره واما قوله عليهالسلام انظروا إلى رجل منكم إلخ في روايات أبواب صفات القاضي في الوسائل فيكون واردا مورد الغالب يعنى ان الرّجال حيث كان في عهدتهم منصب القضاء غالبا قال عليهالسلام انظروا إلى رجل منكم ولا خصيصة للرجولية في مقابل الغلام.
ومن المعلوم ان منصب الإفتاء ليس بأعظم وأعلى من منصب الإمامة مع وجود امام في الأئمة عليهمالسلام الّذي لم يكن بالغا بالسن المتعارف كالإمام الجواد عليهالسلام فليس لنا دليل على عدم جواز تقليد الصبي المميز لو كان جامعا لسائر شرائط الإفتاء.
والجواب عنه ان السند ليس بناء العقلاء كما مر بل يكون السند دوران الأمر بين التعيين والتخيير وحكم العقل من جهة الاشتغال اليقينيّ بالتكليف وعدم
__________________
ـ النص وان لم يتمسكوا به فيما سبق أيضا وقد مر منا في التذييلات السابقة التصريح بالأورعية في مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها ودليلهم كان دوران الأمر بين التعيين والتخيير فلذا يرد عليهم هذا الإشكال منه مد ظله أيضا.