به مع ما يشاكله ولو لم يقل في هذا المعنى الا بعد ضاق المذهب فيه ومن هنا جاءت الزيادات فيه لغير المعانى في كلامهم نحو حَبابٍ وعَجُوز وقَضِيب فيما حكى لنا عن محمد بن يزيد وأيضا فادا أراد التأكيد قال قَعَدَ وجَلَسَ فتكون المخالفة بين الالفاظ أسهلَ من اعادتها أنفسها وتكريرها ألا ترى أن في التنزيل (وَغَرابِيبُ سُودٌ) والغرابيبُ هى السُّود عند أهل اللغة فحَسُن التكرير لاختلاف اللفظين ولو كان غرابيب لم يكن سهلا وأما القسم الثالث وهو اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فينبغى أن لا يكون قصدا في الوضع ولا أصلا ولكنه من لُغاتٍ تَداخلت أو تكون كل لفظة تستعمل بمعنًى ثم تستعار لشئ فتكثر وتغلب فتصير بمنزلة الاصل قال وقد كان أحد شيوخنا ينكر الاضداد التى حكاها أهل اللغة وأن تكون لفظةٌ واحدةٌ لشئ وضِدِّه والقول في هذا أنه لا يخلو في انكار ذلك ودفعه اياه من حجة من جهة السماع أو القياس ولا يجوزِ أن تقوم له حجةٌ تُثْبِتُ له دلالةً من جهة السماع بل الحجة من هذه الجهة عليه لان أهل اللغة كابى زيد وغيره وأبى عبيدة والاصمعى ومن بعدهم قد حكوا ذلك وصُنِّفَتْ فيه الكتبُ وذكروه في كتبهم مجتمعا ومفترقا فالحجة من هذه الجهة عليه لا له فان قال الحجةُ تقوم من الجهة الاخرى وهى أن الضدّ بخلاف ضده فاذا استعملت لفظة واحدة لهما جميعا ولم يكسب كل واحد من الضدين لفظا يتميز من هذه ويتخلص به من خلافه أَشْكَل وأَلْبَسَ فعُلِمَ الضدُّ شكلا والشكلُ ضدّا والخلافُ وِفَاقا وهذا نهايةُ الالباس وغايةُ الفساد قيل له هل يجوز عندك أن تجىء لفظتان في اللغة متفقتان لمعنيين مختلفين فلا يخلو في ذلك أن يجوّزه أو يمنعه فان منعه وردّه صار الى رَدِّ ما يعلم وجودُه وقبولُ العلماء له ومنع ما ثبت جوازه وشُبِّهتْ عليه الالفاظُ فانها أكثر من أن تُحْصَى وتُحْصَر نحو وَجَدْتُ الذى يراد به العلم والوِجْدانُ والغَضَبُ وجَلَسْتُ الذى هو خلافُ قمتُ وجَلَسْتُ الذى هو بمعنى أتيتُ نَجْدًا ونَجْدٌ يقال لها جَلْسٌ فاذا لم يكن سبيل الى المنع من هذا ثبت جوازُ اللفظة الواحدة للشئ وخلافه واذا جاز وقوعُ اللفظة الواحدة للشئ وخلافِه جاز وقوعُها للشئ وضدّه اذا الضِّدُّ ضَرْبٌ من الخلاف وان لم يكن كل خلاف ضِدًّا وأما كون اللفظين المختلفين لمعنى واحد فقد كان محمدُ بنُ السَّرِىِّ حكى عن أحمد بن يحيى أن ذلك لا يجوز عنده ودَفْعُ ذلك أيضا لا يخلو من أحد المعنيين اللذين قَدَّمْنا فان كان من جهة السمع فقد حكى أهل اللغة في ذلك ما لا يكاد يُحْصَى كثرةً وصنفوا في ذلك كالاصمعى في تصنيفه كتاب الالفاظ الذى هو خلاف