وعند ذلك : فلو قام بنفسه الإخبار عنه على خلاف ما هو عليه حالة كونه عالما به ومخبرا عنه على ما هو عليه ؛ لقام بالنفس الخبر الصادق والكاذب ، بالنظر إلى شيء واحد من جهة واحدة ؛ وذلك معلوم بطلانه بالضرورة.
فإن قيل : نحن (١) نعلم بالضرورة من أنفسنا أننا حال ما نكون عالمين بالشيء يمكننا (٢) أن نخبر بالخبر (٢) الكاذب ، ونعلم كوننا كاذبين ، ولو لا أننا عالمون بالشيء المخبر عنه ؛ لما تصور علمنا بكوننا كاذبين.
قلنا : الخبر الّذي نعلم من أنفسنا كوننا كاذبين فيه إنما هو الخبر اللسانى. وأما الخبر النفسانى ؛ فلا نسلم صحة علمنا بكذبه حالة الحكم به (٣).
غير أن من نظر إلى ما حققناه فى مسألة الكلام (علم) (٤) ضعف هذا المسلك ؛ فعليك بالالتفات إليه (٥).
وأما المسلك السمعى : فهو (٦) أنه قد ثبت صدق الرسول عليهالسلام بالمعجزة القاطعة فى دلالتها فيما هو رسول فيه على ما سنبينه فى / النبوات (٧).
وقد نقل عنه بالخبر المتواتر أن كلام الله ـ تعالى ـ صدق ، وأن الكذب عليه محال ؛ فكان ذلك مقطوعا به.
وفيه نظر ، إذ لقائل أن يقول : صحة السمع متوقفة على صدق الرسول ، وصدق الرسول متوقف على استحالة الكذب على الله ـ تعالى ـ من حيث أن ظهور المعجزة على وفق تحديه بالرسالة نازلة منزلة التصديق من الله ـ تعالى ـ له فى دعواه ، فلو جاز الكذب على الله ـ تعالى ـ ؛ لأمكن أن يكون كاذبا فى تصديقه له ، ولا يكون الرسول صادقا ، فإذا توقف كل واحد منهما على الآخر ؛ كان دورا ممتنعا.
__________________
(١) فى ب (فإنا).
(٢) فى ب (ممكنا أن نخبر الخبر).
(٣) زائد فى ب (قال شيخنا رضى الله عنه).
(٤) فى أ (على).
(٥) انظر ل ٨٢ / ب وما بعدها.
(٦) فى ب (هو).
(٧) انظر الجزء الثانى ـ القاعدة الخامسة ـ الأصل الثانى. ل ١٣٠ / أ.