وإن كان جاهلا بخصوص الواقع المخصص من الجزئيات كما ذكرتموه ، وقررتموه (١) من أحوال العقلاء.
وبيان امتناع اشتراط القصد للجزئى (٢) الحادث (٢) فى الإحداث : هو أن القصد للشىء نسبة (٣) بينه (٣) ، وبين القاصد له ؛ فيكون صفة له من حيث هو نسبة بينه ، وبين القاصد. والصفة تابعة للموصوف فى الوجود ؛ فيكون القصد تابعا لذلك الجزئى فى الوجود. فلو كان حدوث ذلك الجزئى مشروطا بالقصد إليه ؛ لكان تابعا للقصد إليه فى الوجود ؛ وهو دور ممتنع.
ثم وإن سلمنا : دلالة ما ذكرتموه على امتناع كون العبد خالقا لفعله ؛ لكنه قدح فى البديهيات ، وإبطال للضّروريات كما قاله أبو الحسين البصرى الملقب بجعل.
وبيان ذلك : هو أن كل عاقل يعلم من نفسه أنه فاعل لما يصدر عنه : من الحركات ، والسكنات الواقعة على / وفق قصده ، وداعيته : كقيامه ، وقعوده ، ومشيه ، وغير ذلك من أفعاله. بخلاف حركة الارتعاش ، والمجرور المسحوب على وجهه : على وجه لا يتمارى فيه عاقل ولا يشككه مشكك ، والقدح فى الضروريات لا يكون مقبولا.
سلمنا أن العلم بكون العبد فاعلا ، وموجدا لفعله غير ضرورى ؛ لكن ما ذكرتموه معارض بما يدل على كونه موجدا ، وفاعلا.
وبيانه من حيث المعقول ، والمنقول :
أما المعقول :فمن عشرين وجها :
الأوّل : أنه قد (٤) قام الدليل على وجود القدرة الحادثة بما سبق (٥).
وعند ذلك : فلو لم تكن القدرة الحادثة مؤثرة فى الفعل المقدور ، ولا فى صفة من صفاته ؛ لم يبق بين المقدور ، وغير المقدور معنى ؛ وفيه إبطال دليل وجود القدرة الحادثة.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) فى ب (الحادث الجزئى).
(٣) فى ب (نسبة له بينه).
(٤) فى ب (لو).
(٥) انظر ل ٢٢٩ / أوما بعدها.