ولا جائز أن يكون حادثا ؛ إذ الحادث لا يستغنى عن محدث على ما سبق تقريره.
وأما إن كان أحد الطرفين لا يتوقف فى وقوعه على مرجح : ففيه وقوع أحد طرفى الجائز من غير مرجح ؛ وهو محال كما سبق فى إثبات واجب الوجود (١).
كيف : وأنه لا يلزم منه أن يكون وقوع أحد الطرفين لا بأمر صدر من العبد ؛ وهو أيضا جبر.
هذا كله : إن كان العبد ممن يصح منه كل واحد من الطرفين بدلا عن الآخر.
وإن كان لا يصح منه ذلك ؛ فهو مجبور غير مختار.
وهذا المسلك أيضا ضعيف ؛ إذ لقائل أن يقول :
قولكم : إذا صح منه بدلا عن الترك ، والترك بدلا عن الفعل ؛ فلا بد لوقوع أحد الأمرين من منع ؛ مسلم.
قولكم : المرجح إما من فعل العبد ، أو من فعل الله ، أو لا من فعل أحد : مسلم ؛ ولكن لم قلتم إنه لا يكون من فعل العبد؟
قولكم : التسلسل يكون لازما : ممنوع. وما المانع من كونه من فعل العبد على وجه لا يكون متمكنا من تركه؟ ولا يلزم من سلب الاختيار عن العبد فى فعل المرجح ؛ سلبه عنه فى أفعاله مطلقا.
وإن سلمنا أنه من فعل الله ـ تعالى ـ فما المانع منه
قولهم (٢) : إما أن يصح معه الترك أو لا؟ والجبر ، أو التسلسل يكون لازما.
قلنا : إن عنيتم بكونه مجبورا : أنه غير مختار فى تركه بتقدير وجود المرجح للفعل : فسلم ، ونحن لا ننفى الجبر عن فعل العبد بهذا الاعتبار.
وإن عنيتم به أنه وجد لا بإيجاده : فهو ممنوع.
ونحن إنما ننفى الجبر عن فعل العبد بهذا الاعتبار.
__________________
(١) راجع ما سبق ل ٤١ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (قولكم).