عند فرض عدم ذلك الحادث ، فيتجدد له صفة سلب بعد أن لم تكن (١) ، واذا أتينا على تلخيص محل النزاع ؛ فنعود إلي المقصود.
وقد (٢) احتج أهل الحق على امتناع قيام الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ بحجج ضعيفة :
الحجة الأولى :
قالوا : لو كان البارى ـ تعالى ـ قابلا لحلول الحوادث بذاته ؛ لما خلا عنها ، أو عن أضدادها ، وضد الحادث حادث. وما لا يخلو عن الحوادث ؛ فيجب أن يكون حادثا ، والرب ـ تعالى ـ ليس بحادث ، وهذه الحجة مبنية على خمس مقدمات :
المقدمة الأولى : أن كل صفة حادثة لا بد لها من ضد.
والثانية : أن ضد الصفة الحادثة لا بد ، وأن يكون حادثا.
والثالثة : أن ما قبل حادثا ؛ فلا يخلو عنه ، وعن ضده.
والرابعة : أن ما لا يخلو عن الحوادث ؛ حادث.
والخامسة : أن الحدوث على الرب ـ تعالى ـ محال.
أما أن الرب ـ تعالى ـ ليس بحادث ؛ فقد سبق تقريره (٣).
وأما أن ما لا يخلو عن الحوادث ؛ فهو حادث ؛ فسيأتى تقريره فى حدوث الجواهر (٤). وإنما الإشكال فى المقدمات الثلاث الأول ؛ وذلك أن لقائل أن يقول :
قولكم : إن كل صفة حادثة لا بد لها من ضد : فإما أن يراد بالضد معنى وجودى يستحيل اجتماعه مع تلك الصفة لذاتيهما ، وإما أن يراد به ما هو أعم من ذلك ؛ وهو ما لا يتصور اجتماعه مع وجود الصفة لذاتيهما وإن كان عدما ، حتى يقال : بأن عدم الصفة يكون ضدا لوجودها.
__________________
(١) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٨ ـ ٢٢) ثم علق عليه وناقشه حتى ص ٢٧.
(٢) ثم نقل ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٢٧ ـ ٣١).
من أول قول الآمدي «وقد احتج أهل الحق ... فلا مناقضة».
(٣) انظر ل ١١٥ / أو ما بعدها.
(٤) انظر الجزء الثانى ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ٦٩ / ب وما بعدها.