خلافاً لصريح الحلبي (١) وظاهر الصدوقين (٢) والديلمي (٣) فحرّموا التقاط الأوّلين والسوط ؛ للخبرين ، أحدهما : الصحيح المروي في الفقيه (٤).
وهو حسن لولا ما قدّمناه من الدليل القابل لصرف النهي فيهما إلى الكراهة كما في نظائرهما ، لكنّها هنا أشدّ ؛ لقوّة شبهة الخلاف بمصير هؤلاء الأعاظم إلى الحرمة. ومن هنا يندفع ما قيل : من عدم وضوح دليل على شدّتها (٥).
ويظهر من المفيد أنّ الوجه فيها أنّ فقدها قد يؤدّي إلى هلاك صاحبها ؛ لأنّ الإداوة تحفظ ما يقوم به الرمق من الماء ، والحذاء يحفظ رجل الماشي من الزمانة والآفات ، والسوط يسيّر البعير ، فإذا تلف خيف عليه العطب (٦).
ومن شيخنا في المسالك أنّ الوجه في إطلاق النهي عن مسّها كونها من الجلود غالباً ، وهي ميتة مع جهالة التذكية (٧).
وفيه مناقشة واضحة ؛ لورود الإطلاق في بلاد الإسلام ، والجلود فيها محكوم بطهارتها اتّفاقاً ، فتوًى ونصّاً ، كما مضى. وكذا الوجه الأوّل لا يخلو
__________________
(١) الكافي في الفقه : ٣٥٠.
(٢) الصدوق في الفقيه ٣ : ١٨٨ ، وحكاه عن والده في المختلف : ٤٥٠.
(٣) المراسم : ٢٠٦.
(٤) الفقيه ٣ : ١٨٨ / ٨٤٦ ، الوسائل ٢٥ : ٤٥٧ أبواب اللقطة ب ١٢ ح ٣ ، والآخر في : التهذيب ٦ : ٣٩٤ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢٥ : ٤٥٦ أبواب اللقطة ب ١٢ ح ٢.
(٥) انظر مجمع الفائدة والبرهان ١٠ : ٤٧٢ ٤٧٤.
(٦) المقنعة : ٦٤٧.
(٧) المسالك ٢ : ٣٠٤.