الغُيّب ، والقويّ بالسكوني وصاحبه الدالّ على الأوّل : عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة ، كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها ، وفيها سكين ، قال : « يقوّم ما فيها ، ثم يؤكل لأنّه يفسد وليس له بقاء ، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن » (١) الخبر.
ونحوه آخر : « فإن وجدت طعاماً في مفازة فقوّمه على نفسك لصاحبه ثمّ كله ، فإن جاء صاحبها فردّ عليه القيمة » (٢).
وليس في الأوّل كالعبارة التصريح بالتقويم على نفسه ؛ لإطلاق التقويم مع عموم مفهوم التعليل فيه الشاملين له وللتقويم على غيره.
وفي تقييده بالخبر الثاني إشكال ينشأ من قوّة احتمال ورود الأمر بالتقويم على نفسه على الغالب من تعسّر تقويمه على الغير في المفاوز ، واحتمال ورود إطلاق الخبر الأوّل عليه وإن أمكن ، إلاّ أنّ عموم مفهوم التعليل مع عدم تعقّل الفرق بل القطع بعدمه يدفعه.
ولذا ذكر جماعة (٣) التخيير بينهما أيضاً من غير خلاف ، وإن اختلفوا في وجوب استئذان الحاكم وعدمه مطلقاً على قولين ، فعن التذكرة : الأوّل (٤) ، ويعضده أنّ الأصل عدم التسلط على بيع مال محترم إلاّ بإذن الشارع أو الصاحب ، ولم يثبت جوازه بدون إذنهما.
واختار بعض الأجلّة الثاني (٥) ، ويعضده إطلاق الخبر المتقدّم ،
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢ ، الوسائل ٢٥ : ٤٦٨ أبواب اللقطة ب ٢٣ ح ١.
(٢) الفقيه ٣ : ١٩٠ / ٨٥٥ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٣ أبواب اللقطة ب ٢ ح ٩.
(٣) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ٦ : ١٦٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٠٣ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٣٧.
(٤) التذكرة ٢ : ٢٥٩.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١٠ : ٤٦٩.