الأصل ، أو لعدم صراحتهما ، لاحتمالهما الحمل على الاستحباب ، كما نزلهما عليه من عداه.
والأول لعلّه أظهر ؛ لما مرّ من الخبرين ، بناءً على المختار من حجية أخبار الآحاد ، وأولوية تخصيص الأصل من حمل الأمر على الاستحباب ، لصراحته في الوجوب بالإضافة إلى الأصل.
هذا على تقدير تسليم جريان الأصل هنا ، كما هو ظاهر أكثر الأصحاب ، وإلاّ فالظاهر أن الأصل بالعكس ، وذلك لأن مفاد الآية أنه يشترط في التحلل بلوغ الهدي محلّه في نفس الأمر ، فلو تحلّل ولم يبلغ كان باطلاً ، ولا يستفاد من الخبرين المتقدمين وغيرهما سوى أنه لو تحلّل يوم الوعد ولم يبلغ لم يكن عليه ضرر ، والظاهر أن المراد به الإثم والكفارة ، ولا ريب فيه ، لوقوع التحلل بإذن الشرع ، فلا معنى لأن يتعقبه ضرر ، وانتفاء الضرر لا يستلزم حصول التحلل في أصل الشرع ولو مع الانكشاف ؛ ولعلّ هذا هو الوجه في الأمر في الخبرين بالإمساك.
ولازم هذا التحقيق كون هذا لرجل محرماً وإن اعتقد لجهله بالحال كونه محلاًّ ، وبهذا يتوجه المنع إلى قوله في تصحيح الأصل بأنه ليس بمحرم ، فإنه في حيّز المنع ، إذ لا دليل عليه لا من نصّ ولا من إجماع ، لوقوع الخلاف ، وتصريح بعض المتأخرين بكونه محرماً ، وأنّ وقت الإمساك إنّما هو حين الانكشاف (١) ، كما هو مقتضى هذا التحقيق ، ولم يصرّح من القائلين بوجوب الإمساك بخلافه ؛ لسكوتهم عن بيان وقت الإمساك واحتمال إرادتهم به ما ذكرناه كالأخبار.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٧ : ٤١٨.