وفي التّقييد بالصّلاح دلالة على أنّ مجرّد الأنساب لا ينفع.
وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أسامة ، عن هشام ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن أبي إسحاق قال : حدّثني الثّقة من أصحاب أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّهم سمعوا أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يقول في خطبة له : اللهمّ ، وإنّي لأعلم أنّ العلم لا يأرز (٢) كلّه ولا تنقطع موادّه (٣) ، وأنّك لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور ، كيلا تبطل حجّتك ولا يضلّ أولياؤك بعد إذ هديتهم ، بل أين هم وكم [هم] (٤)؟
أولئك الأقلّون عددا والأعظمون عند الله ـ جلّ ذكره ـ قدرا (٥) ، المتّبعون لقادة الدّين الأئمّة الهادين ، الّذين يتأدّبون بآدابهم وينهجون نهجهم ، فعند ذلك يهجم بهم العلم (٦) على حقيقة الإيمان ، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ، ويستلينون (٧) من حديثهم ما استوعر (٨) على غيرهم ، ويأنسون بما استوحش منه (٩) المكذّبون وأباه المسرفون.
أولئك أتباع العلماء ، صحبوا أهل الدّنيا بطاعة الله ـ تبارك وتعالى ـ وأوليائه (١٠) ، ودانوا بالتّقيّة على دينهم والخوف من عدوّهم ، فأرواحهم معلّقة بالمحلّ الأعلى ، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل منتظرون لدولة الحقّ ، وسيحقّ الله الحقّ بكلماته ويمحق الباطل ، ها ها ، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم ، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم ، وسيجمعنا الله وإيّاهم في جنّات عدن (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ).
وفي تفسير العيّاشيّ (١١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن الرّجل المؤمن له
__________________
(١) الكافي ١ / ٣٣٥ ، ح ٣.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يأزر. ويأرز : يتقبض.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : مراده.
(٤) يوجد في نور الثقلين ٢ / ١٠٥ ، ح ٤٩٨ مع المعقوفتين.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : قدر.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : المعلم.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : ويستنبئون.
(٨) استوعر أي : استصعب.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : استوحشوا منهم.
(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : لأوليائه.
(١١) عنه المجمع ٥ / ٢١٠.