وفي علل الشّرائع (١) ، عن السّجّاد ـ عليه السّلام ـ : وكان يوسف من أجمل أهل زمانه. فلمّا راهق يوسف ، راودته امرأة الملك عن نفسه. فقال : لها : معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون. فغلّقت الأبواب عليها وعليه ، [وقالت : لا تخف. وألقت نفسها عليه.] (٢) فأفلت منها هاربا إلى الباب ، ففتحه. فلحقته ، فجذبت قميصه من خلفه ، فأخرجته منه. فأفلت يوسف منها في ثيابه. (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
قال : فهمّ الملك بيوسف ليعذّبه. فقال له يوسف : وإله يعقوب ، ما أردت بأهلك سوءا ، بل هي راودتني عن نفسي. فاسأل هذا الصّبي أيّنا راود صاحبه عن نفسه.
قال : وكان عندها من أهلها صبيّ (٣) زائر لها. فأنطق الله الصّبيّ لفصل القضاء ، فقال : أيّها الملك انظر إلى قميص يوسف. فإن كان مقدودا من قدّامه ، فهو الّذي راودها. وإن كان مقدودا من خلفه ، فهي الّتي راودته. فلمّا سمع الملك كلام الصّبيّ وما اقتصّ ، أفزعه ذلك فزعا شديدا. فجيء بالقميص ، فنظر إليه. فلمّا رآه مقدودا من خلفه ، قال لها : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). وقال : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا يسمعه أحد منك وأكتمه.
[قال :] (٤) فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة ، حتّى قلنّ نسوة منهنّ : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ). فبلغها ذلك. فأرسلت إليهنّ ، وهيّأت لهنّ طعاما ومجلسا. ثمّ أتتهنّ بأترجّ ، وأتت كلّ واحدة منهنّ سكّينا. ثمّ قالت ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) وقلن ما قلن. فقالت لهنّ : هذا الّذي لمتنّني فيه. يعني في حبّه. وخرجت (٥) النّسوة من عندها.
فأرسلت كلّ واحدة منهنّ إلى يوسف سرّا من صاحبتها (٦) تسأله الزّيارة. فأبى عليهنّ وقال : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ). فصرف الله عنه كيدهنّ.
__________________
(١) العلل ١ / ٤٨ ـ ٤٩.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «صبيّ من أهلها» بدل «من أهلها صبيّ».
(٤) من المصدر.
(٥) كما هو الصحيح. وفي النسخ : خرجن.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : صواحبها.