عليه فقال : يا غلام! ما تصنع ها هنا!؟ فقال : إنّ إخوتي ألقوني في الجبّ. قال : أفتحبّ أن تخرج منه؟ قال : ذاك إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ. إن شاء ، أخرجني.
قال : فقال له : إنّ الله يقول لك : ادعني بهذا الدّعاء ، حتّى أخرجك من الجبّ. فقال له : وما الدّعاء؟ قال : قل : «اللهمّ ، إنّي أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلّا أنت المنّان بديع السّموات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعل لي ممّا أنا فيه فرجا ومخرجا».
قال : ثمّ كان من قصّته ما ذكر الله في كتابه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) نحوه سندا ومتنا. وزاد بعد قوله : «ومخرجا» : «وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب». فدعا ربّه. فجعل له من الجبّ فرجا ، ومن كيد المرأة مخرجا. وآتاه ملك مصر ، من حيث لا يحتسب.
وفي أمالي شيخ الطّائفة (٢) ، بإسناده إلى أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله الصّادق ـ عليه السّلام ـ : ما كان دعاء يوسف ـ عليه السّلام ـ في الجبّ؟ فإنّا قد اختلفنا فيه.
فقال : إنّ يوسف ـ عليه السّلام ـ لمّا صار في الجبّ ، وأيس من الحياة ، قال : «اللهمّ إن كانت الخطايا والذّنوب قد أخلقت وجهي عندك ، فلن ترفع لي إليك صوتا ، ولن تستجيب لي دعوة ، فإنّي أسألك بحقّ الشّيخ يعقوب. فارحم ضعفه. واجمع بيني وبينه. فقد علمت رقّته عليّ ، وشوقي إليه».
(وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) :
أوحي إليه في صغره ، كما أوحي إلى يحيى وعيسى ـ عليهما السّلام ـ.
(لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) : لتحدثنّهم بما فعلوا بك.
(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٥) : أنّك يوسف (٣) ، لعلوّ شأنك ، وبعده عن أوهامهم ، وطول العهد المغيّر للحلي والهيئات.
وذلك إشارة إلى ما قال لهم بمصر ، حين دخلوا عليه ممتارين ، فعرفهم ، وهم له منكرون. بشّره بما يؤول إليه أمره ، إيناسا له ، وتطييبا لقلبه.
وقيل (٤) : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) متّصل ب «أوحينا». أي : آنسناه بالوحي ، وهم لا
__________________
(١) تفسير القميّ ١ / ٣٥٤.
(٢) أمالي الطوسي ٢ / ٢٨ قريب منه.
(٣) ب : ليوسف.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٩.