لا يعبر على بابي اليوم (١) سائل ، إلّا أطعمتموه. فإنّ اليوم يوم الجمعة.
قلت له : ليس كلّ من يسأل مستحقّا (٢). فقال : يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا ، فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله. أطعموهم! أطعموهم! إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشا فيتصدّق منه ، ويأكل هو وعياله منه. وإنّ سائلا مؤمنا صوّاما محقّا ، له عند الله منزلة ، وكان مجتازا غريبا ، اعترّ (٣) على باب يعقوب عشيّة جمعة ، عند (٤) أوان إفطاره. فهتف على بابه [وقال] (٥) : أطعموا السّائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم! يهتف بذلك على بابه مرارا ، وهم يسمعونه. وقد جهلوا حقّه ، ولم يصدّقوا قوله.
فلمّا يئس أن يطعموه وغشيه اللّيل ، استرجع واستعبر (٦) وبكى (٧) ، وشكا جوعه إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ. وبات (٨) طاويا (٩). وأصبح صائما جائعا حامدا لله. وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا.
[فلمّا جاء اللّيلة الثّانية ، جاء ووقف يهتف على بابه : أطعموا السّائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا ، وهم يسمعونه. وقد جهلوا حقّه ، ولم يصدّقوا قوله. فلمّا يئس من أن يطعموه ، وغشيه اللّيل ، استرجع واستعبر وبكى ، وشكا جوعه إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ. وبات طويّا. وأصبح صائما حامدا جائعا صابرا. وأصبح آل يعقوب شباعا بطانا] (١٠). وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.
قال : فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى يعقوب في صبيحة تلك اللّيلة : لقد أذللت ـ يا يعقوب! ـ عبدي ذلّة استجررت (١١) بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي وبلواي (١٢) عليك وعلى ولدك. يا يعقوب! إنّ أحبّ أنبيائي إليّ ، وأكرمهم عليّ ، من رحم
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : محقّا.
(٣) الاعترار : إتيان الفقير للمعروف من غير أن يسأل.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : غير.
(٥) ليس في المصدر.
(٦) استعبر : بكى حتى جرى دمعه.
(٧) ليس في المصدر.
(٨) يوجد في أ ، ر.
(٩) الطاوي : الجائع.
(١٠) ليس في المصدر.
(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : استحدثت.