الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) ، وأنّ أهل الآخرة لا بدّ لهم من مظلّ ومقلّ.
واعترض عليه بأنّه تشبيه بما لا يعرف أكثر الخلق وجوده ودوامه. ومن عرفه ، فإنّما (١) يعرفه بما يدلّ عليه دوام الثّواب والعقاب. فلا يجدي له التّشبيه.
والتّحقيق أنّ هذا في نار الدّنيا في البرزخ ، قبل يوم القيامة. وسيأتي من الأخبار ما يدلّ عليه. وحينئذ لا إشكال في الارتباط.
(إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) :
قيل (٢) : استثناء من الخلود في النّار. لأنّ بعضهم ـ وهم فسّاق الموحّدين ـ يخرجون منها. وذلك كاف في صحّة الاستثناء. لأنّ زوال الحكم عن الكلّ يكفيه زواله عن البعض. وهم المراد بالاستثناء الثّاني. فإنّهم مفارقون عن الجنّة أيّام عذابهم. فإنّ التّأبيد من مبدأ معيّن ينتقض باعتبار الابتداء ، كما ينتقض باعتبار الانتهاء. وهؤلاء ، وإن شقوا بعصيانهم ، فقد سعدوا بإيمانهم. قال (٣) : ولا يقال : فعلى هذا لم يكن قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) تقسيما صحيحا. لأنّ من شرطه أن يكون صفة كلّ قسم منتفية عن قسيمه. لأنّ ذلك الشّرط حيث التّقسيم لانفصال حقيقيّ ، أو مانع من الجمع. وها هنا المراد أنّ أهل الموقف لا يخرجون عن القسمين ، وأنّ حالهم لا يخلو عن السّعادة والشّقاوة. وذلك لا يمنع اجتماع الأمرين في شخص باعتبارين. أو لأنّ أهل النّار ينقلون منها إلى الزّمهرير وغيره من العذاب أحيانا. وكذلك أهل الجنّة ينعمون بما هو أعلى من الجنّة ، كالاتّصال بجناب القدس والفوز برضوان الله ولقائه. أو من أصل الحكم. والمستثنى زمان توقّفهم في الموقف للحساب. لأنّ ظاهره يقتضي أن يكونوا في النّار حين يأتي اليوم ، أو مدّة لبثهم في الدّنيا والبرزخ ، إن كان الحكم مطلقا غير مقيّد باليوم. وعلى هذا التّأويل يحتمل أن يكون الاستثناء من الخلود على ما عرفت.
وقيل (٤) : هو من قوله : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ).
وقيل (٥) : «إلّا» ها هنا بمعنى سوى ـ كقولك : عليّ ألف إلّا الألفان القديمان ـ والمعنى : سوى ما شاء ربّك من الزيّادة الّتي لا اخر لها على مدّة بقاء السّموات والأرض.
__________________
(١) ب : فإنّه.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.
(٣) ليس في المصدر.
(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.