عليك من أهل الشّام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا. ثمّ أخبره بخبره.
فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ، ليردّوا إلى المدينة. وأمر أن لا يخرج لهم الأسواق ، وحال بينهم وبين الطّعام والشّراب. فساروا (١) ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا ، حتّى انتهوا إلى مدين فأغلق باب المدينة دونهم ، فشكا أصحابه الجوع والعطش.
قال : فصعد جبلا يشرف عليهم ، فقال بأعلى صوته : يا أهل المدينة الظّالم أهلها ، أنا بقيّة الله. يقول الله : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ).
قال : وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم ، فقال لهم : يا قوم ، هذه والله دعوة شعيب النّبيّ ـ عليه السّلام ـ. والله ، لئن لم تخرجوا إلى هذا الرّجل بالأسواق ، لتؤخذنّ من فوقكم ومن تحت أرجلكم. فصدّقوني في هذه المرّة وأطيعوني ، وكذّبوني فيما تستأنفون (٢) فإنّي ناصح لكم.
[قال :] (٣) فبادروا فأخرجوا إلى محمّد بن عليّ وأصحابه بالأسواق. فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشّيخ ، فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به.
وفي عيون الأخبار (٤) ، في باب ذكر مولد الرّضا ـ عليه السّلام ـ : حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن عليّ الأنصاريّ ، عن عليّ بن ميثم ، عن أبيه قال : سمعت أمّي تقول : سمعت نجمة ، أمّ الرّضا ـ عليه السّلام ـ تقول : لمّا حملت بابني ، عليّ ، لم أشعر بثقل الحمل. وكنت أسمع في منامي تسبيحا وتهليلا وتمجيدا من بطني ، فيفزعني ذلك ويهولني. فإذا انتبهت ، لم أسمع شيئا. فلمّا وضعته ، وقع إلى الأرض واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السّماء يحرّك شفتيه ، كأنّه يتكلّم. فدخل إليّ (٥) أبوه ، موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ.
فقال لي : هنيئا لك ، يا نجمة ، كرامة ربّك.
فناولته إيّاه في خرقة بيضاء. فأذّن في أذنه الأيمن ، وأقام في الأيسر. ودعا بماء الفرات ، فحنّكه به ثمّ ردّه إليّ.
وقال : خذيه ، فإنّه بقيّة الله ـ عزّ وجلّ ـ في أرضه.
__________________
اشتاق.
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : فصاروا.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تشاءون.
(٣) من المصدر.
(٤) العيون ١ / ٢٠ ، ح ٢.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : عليه.