قالوا : فأين هود؟
قالت : هو في موضع كذا وكذا.
فجاءوا إليه ، فقالوا : يا نبيّ الله ، قد أجدبت بلادنا ولم نمطر (١) ، فاسأل الله أن يخصب بلادنا ونمطر (٢).
فتهيّأ للصّلاة ، وصلّى ودعا لهم.
فقال لهم : ارجعوا ، فقد أمطرتم (٣) وأخصبت بلادكم.
فقالوا : يا نبيّ الله ، إنّا رأينا عجبا.
قال : وما رأيتم؟
قالوا : رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء ، قالت لنا : من أنتم ، وما تريدون؟ فقلنا : جئنا إلى هود ، ليدعو الله لنا فنمطر. فقالت : لو كان هود داعيا لدعا لنفسه ، فإنّ زرعه قد احترق.
فقال هود : تلك (٤) أهلي ، وأنا أدعو الله لها بطول البقاء.
فقالوا : وكيف ذلك؟
قال : لأنّه ما خلق الله مؤمنا إلّا وله عدوّ يؤذيه ، وهي عدوّتي. فلئن يكون عدوّي ممّن أملكه خير من أن يكون عدوّي ممّن يملكني.
فبقى هود في قومه يدعوهم إلى الله ، وينهاهم عن عبادة الأصنام حتّى تخصب (٥) بلادهم. وأنزل الله عليهم المطر ، وهو قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) (الآيات). فلمّا لم يؤمنوا ، أرسل الله عليهم الرّيح الصّرصر [يعني : الباردة] (٦). وهو قوله في سورة القمر (٧) : (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ، إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (٨). وحكى في سورة الحاقّة ، فقال : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) (٩).
__________________
(١ و ٢) المصدر : تمطر.
(٣) ب : مطرتم.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : «هو ذاك» بدل «هود تلك».
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أخصبت.
(٦) من المصدر.
(٧) المصدر : «اقتربت» بدل «القمر».
(٨) القمر / ١٨ ـ ١٩.
(٩) الحاقة / ٦ ـ ٧.