عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ إهلاك قوم نوح ، أعقم أرحام النّساء أربعين سنة فلم يولد (١) فيهم مولود.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
(وَغِيضَ الْماءُ) : نقص.
(وَقُضِيَ الْأَمْرُ) : وأنجز ما وعد من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين.
(وَاسْتَوَتْ) : واستقرّت السّفينة.
(عَلَى الْجُودِيِ) : جبل بالموصل.
وقيل (٢) : بالشّام.
وقيل (٣) : بآمد (٤).
(وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤٤) : هلاكا لهم.
يقال : بعد ، بعدا وبعدا : إذا بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عودة. ثمّ استعير للهلاك ، وخصّ بدعاء السّوء.
والآية في غاية الفصاحة ، لفخامة لفظها وحسن نظمها ، والدّلالة على كنه الحال مع الإيجاز الخالي عن الإخلال.
وفي إيراد الأخبار على البناء للمفعول دلالة على تعظيم الفاعل ، وأنّه متعيّن في نفسه مستغن عن ذكره إذ لا يذهب الوهم إلى غيره. للعلم بإنّ مثل هذه الأفعال لا يقدر عليه سوى الواحد القهّار.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في حديث : ودارت السّفينة ، وضربتها الأمواج حتّى وافت مكّة وطافت بالبيت. وغرق جميع الدّنيا ، إلّا موضع البيت. وإنّما سمّي البيت العتيق ، لأنّه أعتق من الغرق. فبقي الماء ينصبّ من السّماء أربعين صباحا ومن الأرض العيون ، حتّى ارتفعت السّفينة فمسحت السّماء.
قال : فرفع نوح يده ، فقال : يا رهمان اتقن. وفي (٦) تفسيرها : يا ربّ أحسن. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ الأرض أن تبلع ماءها ، [وهو قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) ، أي : أمسكي. (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ)
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : فلم يلد.
(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٩.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : بآمل.
(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٢٨.
(٦) المصدر : «اخفرس» بدل «اتقن. وفي».