(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ) : حكاية حال ماضية.
(وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) : استهزؤوا به لعمله السّفينة.
قيل (١) : كان يعملها في بريّة بعيدة من الماء أوان عزّته ، وكانوا يضحكون منه ويقولون له : صرت نجّارا بعد ما كنت نبيّا.
وفي روضة الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه. ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعا ، عن الحسن بن عليّ ، عن عمر بن أبان ، عن إسماعيل الجعفيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ نوحا ـ عليه السّلام ـ لمّا غرس النّوى ، مرّ عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد غرّاسا. حتّى إذا طال (٣) النّخل ، وكان جبّارا طوّالا ، قطعه ثم نحته ، فقالوا قد قعد نجّارا. ثمّ ألّفه فجعله سفينة ، فمرّوا عليه يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد ملّاحا في فلاة من الأرض حتّى فرغ منها.
(قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) (٣٨) : منّا.
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) : إذا أخذكم الغرق في الدّنيا ، والحرق في الآخرة.
وقيل (٤) : المراد بالسّخرية : الاستجهال (٥).
(مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) ، يعني به : إيّاهم. وبالعذاب : الغرق.
(وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) : وينزل عليه. أو يحلّ حلول الدّين لا انفكاك عنه.
(عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٩) : دائم. وهو عذاب النّار.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا) : هو غاية لقوله : (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ) ، وما بينهما حال من الضّمير فيه. أو حتّى ، هي الّتي يبتدأ بعدها الكلام.
(وَفارَ التَّنُّورُ) : نبع الماء منه وارتفع ، كالقدر تفور.
و «التّنّور» تنّور الخبز. ابتدأ منه النّبوع على خرق العادة. وكان في الكوفة في موضع مسجدها ، أو في الهند ، أو بعين وردة من أرض الجزيرة.
وقيل (٦) : «التّنّور» وجه الأرض ، أو أشرف موضع فيها.
وفي روضة الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٨.
(٢) الكافي ٨ / ٢٨٣ ، ح ٤٢٥.
(٣) أ ، ب ، ر : حال.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٨.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : الاستعجال.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٨.