(عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٠) : لا يستعملون عقولهم بالنّظر في الحجج والآيات. أو لا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطّبع.
وفي عيون الأخبار (١) ، في باب ما جاء عن الرّضا من الأخبار في التّوحيد : حدّثنا [تميم بن] (٢) عبد الله بن تميم القرشي قال : حدّثنا أبي ، عن أحمد بن عليّ الأنصاريّ ، عن أبي الصّلت ، عبد السّلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ جلّ ثناؤه ـ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ـ إلى قوله ـ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).
فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : حدّثني أبي ، موسى بن جعفر ، عن أبيه ، جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، محمّد بن عليّ ، عن أبيه ، عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، الحسين بن عليّ ، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال : إنّ المسلمين قالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لو أكرهت ، يا رسول الله ، من قدرت عليه من النّاس على الإسلام لكثر عددنا وقوّتنا على عدوّنا.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما كنت لألقى الله ـ تعالى ـ ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا وما أنا من المتكلّفين.
فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ عليه : يا محمّد (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدّنيا ، كما يؤمنون (٣) عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة. ولو فعلت ذلك بهم ، لم يستحقّوا منّي ثوابا ولا مدحا. ولكنّي أريد منكم أن تؤمنوا مختارين غير مضطرّين ، لتستحقوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد. (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ).
وأمّا قوله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى : أنّها ما كانت لتؤمن إلّا بإذن الله. و «إذنه» أمره لها بالإيمان ما كانت مكلّفة متعبّدة ، وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عند زوال [التكليف] (٤) التّعبّد عنها.
فقال المأمون : فرّجت عنّي ، [يا أبا الحسن] (٥) فرّج الله عنك.
__________________
(١) العيون ١ / ١١٠ ، ح ٣٣.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يؤمن.
(٤) من المصدر.
(٥) من المصدر.