فيهما زمانا محصلا (أو نفيا) أو انتقالا أو دواما وهي كان وأخواتها.
فأما كان فلها ثلاثة معان :
أحدهما : أن تفيد زمانا محصلا ، كقولك : كان زيد عالما وكذلك : يكون زيد منطلقا.
وقد تكون دالة على انقطاع ما وقعت عليه ، وغير دالة على ذلك.
ـ فأما ما لم ينقطع : فقول الله عز وجل (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً*) [النساء : ٥] ، وهو في كل حال موصوف بذلك.
ـ وأما ما انقطع : فقولك : «قد كنت غائبا وأنا الآن حاضر».
ـ والمعنى الثاني : أن تكون في معنى حدث ووقع ، كقولك : «كان الأمر» أي : وقع.
ـ والوجه الثالث : أن تكون زائدة لتدل على زمان دون أن يكون لها اسم ولا خبر ، أو تقع على شيء مذكور ، وذلك قولك : «زيد كان قائم» ، وفاعلها مصدرها ، فدلت ههنا على الزمان الماضي ؛ لأنك لو قلت : «زيد قائم» لوجب أن يكون ذلك في الحال.
ويجوز أن تكون واقعة على ضمير «زيد» ، ويحذف خبرها لدلالة المبتدأ عليه ، فيكون التقدير : زيد قائم كان كذلك ، أي : كان قائما.
ويشهد لهذا التقدير قول الفرزدق :
* فكيف إذا مررت بدار قوم |
|
وجيران لنا ـ كانوا ـ كرام (١) |
فزاد «كان» بين النعت والمنعوت كما ترى ، وبين المبتدأ والخبر ، وأتى باسمها وحذف خبرها لعلم السامع كما ترى وكان التقدير : وجيران لنا كرام كانوا كذلك ، أي : كانوا لنا جيرانا ، أو كانوا كراما.
فإن قلت : خبرها هنا : المجرور الذي قبلها فلم يحذف لها بخبر كما ذكرنا.
فالجواب : أن المجرور قبلها صلة للخبر المحذوف المقدر ، وهو الإخبار عنهم بالجوار ، ولا يجوز أن يكون المجرور هو الخبر بعينه ؛ لأنك لو قلت : «كان لي زيد» ، لم يجز إلا أن يكون لك ملكا على حد قولك : كان لي الغلام والمال إلا أن يكون على حذف شيء معلوم كقول القائل : من كان لك جارا أو صديقا؟ ونحو ذلك ، فتقول : كان لي زيد : كان لي جارا أو صديقا أو نحوه.
فعلى هذا يخرج قول الفرزدق ، ولا يجوز أن يتأول فيه غيره.
فأما «صار» : ففيها معنى الانتقال وهي تدخل على جملة لم يكن لها مثل تلك الحال من قبل كقولك : «صار زيد عالما» أي : انتقل إلى هذه الحال ، وقد تدخل على غير جملة لما فيها
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٨٥٣ ، شرح الأعلم ١ / ٢٨٩ ، شرح النحاس ٢٤ ، الصاحبي ٢٤٧ ، أوضح المسالك ٤ / ١٨٢.