ونظرن من خلل الخدور بأعين |
|
مرضى مخالطها السقام صحاح (١) |
ثم قال : سمعنا من العرب من يرويه ، ويروي القصيدة التي فيها هذا البيت لم يلقنه أحد هكذا.
يعني : بخفض مخالطها ، يصف نساء ، وجعل عيونهن بمنزلة القسي في رميها بالنظر ، وأقام النظر : مقام السهام ، والأشفار : مقام الريش. والخلل : الفرج ـ وقوله : " مرضى" يعني أن فيها فتورا ، فكأنها مرضى ثم نفى عنها المرض بقوله : " صحاح".
واحتج سيبويه بقوله : " مخالطها" ، على من خالفه في الصفة المضافة وأنشد أيضا :
* حمين العراقيب العصا وتركنه |
|
به نفس عال مخالطه بهر (٢) |
فمخالطه ، صفة للنفس على معنى : مخالط له. وهذا أيضا حجة على من خالف سيبويه في الصفة المضافة ، يصف في البيت إبلا تتقدم الحادي لسرعتها ، وتبعد عنه فتحمي عراقيبها من عصاه وتتركه مسرعا على آثارها قد علا نفسه من الإعباء وخالطه البهر.
هذا باب ما جرى من الصفات على الأول
إذا كان لشيء من سببه
وذلك قولك : مررت برجل حسن أبوه وكريم أخوه
احتج سيبويه لهذه الصفات في جريها على الأول بأنها قد تقوم مقامه ، ويخبر عنها ، ألا ترى أنك لو قلت : ضربت قائما أبوه أو كان زيد قائما أبوه ، لكان الضرب واصلا إلى غير الأب ، كأنه قال : ضربت رجلا قائما أبوه ، فعلى هذا تقول : ضربت حسنا أبوه ، فحسن صفة للمضروب والمضروب غير الأب ، فقد جرى مجرى قولك : ضربت قائما وضربت حسنا وكان زيد قائما.
هذا باب : الرفع فيه وجه الكلام وهو قول العامة
وذلك قولك : مررت بسرج خز صفته ، ومررت برجل فضة حلية سيفه ، ومررت برجل طين خاتمه.
اعلم انك إذا أردت حقيقة هذه الأشياء ، فلا يجوز غير الرفع لأنها جواهر ، فلا يجوز أن ينعت بها ، وإن أردت المماثلة والحمل على المعاني جاز النعت ، فيكون معنى طين كمعنى :
__________________
(١) الكتاب ١ / ٢٢٧ ، الكتاب شرح النحاس ١٧١ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٩٩ ، وشرح ابن السيرافي ١ / ٥٣٣.
(٢) ديوانه ١٩٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٢٧ ، شرح النحاس ١٧١ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٠٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥١٢ ، الخزانة ٥ / ٢٦ ، اللسان (حما) ١٤ / ١٩٨.