دون «شيء» ؛ لأن شيئا اسم غير مبهم و «ما» مبهمة ، والمتعجب معظم للأمر ، فكأنه إذا قال : ما أحسن عبد الله فقد جعل الأشياء التي بها يقع الحسن متكاملة في عبد الله ، فلا يصح ذلك إلا بلفظ مبهم.
ولو قال شيء أحسن عبد الله ، كان قد قصر حسنه على جهة دون سائر جهات الحسن.
واعلم أن «ما» في الخبر موصولة ، وفي الاستفهام والشرط غير موصولة.
فإن قال قائل : هي في التعجب خبر ، فكيف جاز أن لا توصل؟
فالجواب : أن العلة التي من أجلها كانت «ما» في الاستفهام والجزاء غير موصولة هي بنفسها موجودة في التعجب وذلك أن المستفهم إنما يستفهم عما لا يعرف ، فلو وصل ما لأوضح واستغنى عن الاستفهام ، والمجازي إنما يريد أن يعم ، فلو وصل لحصل على شيء بعينه ، فاستغنى عن الصلة. والمتعجب مبهم ، فلا يصلح أن يصل «ما» فتخرج عن الإبهام ؛ لأن الصلة إيضاح وتبيين.
وقد جاءت «ما» غير موصولة في الخبر كقولهم : «غسلته غسلا نعمّا» يريد نعم الغسل ، فجعل «ما» بمنزلة الغسل ولم يصلها ؛ لأن «نعم» إنما يليها المبهم.
قال الأخفش : وإن شئت جعلت أحسن صلة ل «ما» وأضمرت الخبر ، فهذا أكثر وأقيس.
وهذا يمتنع من وجهين :
ـ أحدهما : أنه إذا وصلها وقعت على شيء بعينه ، ولم يكن فيها الموجب لمعنى التعجب والمختص به.
ـ والآخر : أن الفعل إذا كان من (...) إلى الخبر ، والخبر معدوم في هذا ، فإن قلت : حذف لعلم السامع ، فالمحذوف من الأخبار يمتنع من الاطراد والإتيان به على أصله ، وقد عدم هنا اصلا ، فلا جر يقدر ألبتة غير الفعل الذي هو خبر عن «ما» منفصل عنه.
وأجاز بعض النحويين أن يفصل بين «ما» وفعلها بأخوات كان ، فقال : ما أصبح أبردها وأمسى أدفأها. فجعلوا أصبح بمنزلة : كان. وأصبح لا تشبه كان في هذا الموضع من وجهين :
أحدهما : أن «أصبح» لا تكون زائدة مثل كان.
ـ والثاني : أن «كان» تدل على المضي ، ولا توجب في الحال شيئا ، وأصبح توجب دخوله فيه وبقاء عليه ، وحكم التعجب أن يكون مما مضى.
باب الفاعلين والمفعولين
اعلم أن جميع النحويين قد أجمعوا على إعمال الأفعال المتعدية وغير المتعدية في هذا