الشيء ، أي : غطيته ، ونصب على الحال وهو اسم مشبه بالعراك ، كأنك قلت : مررت بهم الجموم الغفر ، على معنى مررت بهم ، وذكر بعضهم أنه يستعمل على غير حال.
وأنشد للأعشى.
* صغيرهم وشيخهم سواء |
|
هم الجماء في اليوم الغفير (١) |
وأما قاطبة وطرّا وما أشبهها ، فمحمولة على المصدر ؛ لأن المصادر قد تخرج على التمكن فتلزم طريقة واحدة. فلا يتجاوز بقولك : طرّا وقاطبة الحال ، كما لم يتجاوز بما تقدم من المصادر موضعه.
وبين سيبويه ويونس خلاف فيما ذكره سيأتي في الباب الذي يليه إن شاء الله.
هذا باب ما ينتصب لأنه حال وقع فيه الأمر
وذلك قولك : مررت بهم جميعا وعامة وجماعة.
اعلم أنك إذا قلت : مررت بهم جميعا ، فله وجهان :
ـ أحدهما : أن تريد : مررت بهم وهم مجتمعون ، كما قال الله عز وجل : (نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) [القمر : ٤٤].
والآخر : أن تريد : مررت بهم فجمعتهم بمروري وإن كانوا متفرقين في مواضع.
فإذا أردت الوجه الأول فهو حال لا وجه له غيره.
وإن أردت الوجه الثاني ، جاز أن يكون في موضع المصدر ، كأنه قال : جمعتهم جمعا في مروري.
وإن صيرته حالا ، فعلى نحو قوله عز وجل :
(وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٦] ، وقولك : قم قائما.
وعامة وجماعة بمنزلة جميع.
وجعل سيبويه «الماء الغفير» بمنزلة : العراك ، وجعل «طرّا» و «قاطبة» إذ لم يكونا صفتين معروفتين بمنزلة «الجميع» ؛ لأن القطب في الأصل ضم الشيء وجمعه. والطر مأخوذ من أطرار الطريق وهي جوانبه ، فصار طرّا وقاطبة في معنى جميعا ، وصار نصبهما كنصب مررت بهم جميعا.
وحكي عن المازني أنه قال : يقال : طررت القوم ، إذا مررت بهم جميعا ، وإذا صح هذا لم يوجب تمكن «طر» لأنه يكون مأخوذا من لفظ طر كما أخذ سبح من لفظ : سبحان الله ، وهلل من لفظ : لا إله إلا الله.
__________________
(١) شرح المفصل ٢ / ٦٣ ، الكتاب ١ / ١٨٩.