وإذا قال : أي : أني نجد ، ففتح" أن" فكأنه قال : أي : لأني نجد فاعرف ذلك.
وأنشد في ما أتى محمولا على الفعل ففتحت" أن" لذلك ـ لساعدة بن جؤية :
* رأته على شيب القذال وأنها |
|
تواقع بعلا مرة وتئيم (١) |
ففتح" أن" على تقدير : رأته ، ورأت أنها تواقع ، ولو كسرها على القطع لجاز ، ومعنى تئيم : تصير أيما لا زوج لها.
هذا باب آخر من أبواب أنّ
تقول ذاك وأن لك عندي ما أحببت.
اعلم أن هذا الكلام إنما يتكلم به المتكلم لقصة يقدمها ثم يؤكدها بالذكر ليعطف عليها قصة أخرى زيادة على القصة الأولى ، كقولك للرجل : أنا أكرم من قصدني من أمثالك ، ذلك وأن لك عندي ما أحببت على ذلك. وإن استأنفت" إن" فكسرتها فهو جيد ، لأنها جملة معطوف على الجملة التي قبلها.
وأنشد للأحوص :
* عودت قومي إذا ما الضيف نبهني |
|
عقر العشار على عسري وإيساري |
إنّي إذا خفيت نار لمرملة |
|
ألفي بأرفع تل رافعا ناري |
ذاك ولأنّي على جاري لذو حدب |
|
أحنو عليه بما يحني على الجار |
فكسر قوله : وإني على جاري لذو حدب من أجل اللام.
قال سيبويه : " فهذا أيضا يقوي ابتداء إن في الأول" يعني : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا) [طه : ١١٨ ـ ١١٩] بالابتداء والقطع.
يصف في الأبيات أنه مكرم للضيف ، وإن أتاه في أصعب الأوقات ووافقه على أشد الأحوال أو أصلحها ، من عسر أو يسر ، وأنه يوقد ناره بالليل في أرفع موضع لتتبين للطارق فيقصد إليها إذا كان غيره مخفيا لناره لئلا يشعر بمكانه فيتعرض لمعروفه ، ثم قال : " ذاك" ، أي : أمري" ذاك" وإني لذو حدب : أي عطف على الجار وميل إليه بما يجب عليّ من مشاركته وحق جواره.
هذا باب آخر من أبواب أنّ
تقول : جئتك أنك تريد المعروف على معنى جئتك لأنك تريد.
اعلم أنه إذا تقدمت" أن" مفتوحة وقبلها حرف جر مقدم فقول الخليل : أنها في موضع
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ٢٢١ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٦٢ ، شرح النحاس ٣٠١ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٢١ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٩١.