هذا باب تسمية الأرضين
ذكر سيبويه أن واسطا كان أصلها أن تكون بالألف واللام ؛ لأنها في الأصل صفة كما يقال : الحارث والعباس ، ولكن حذفت الألف واللام على تقدير تسمية المكان بصفته دون أن تجعل صفة غالبة. والعرب قد تفعل هذا ، فربما قالوا : العباس وعباس والحسن وحسن.
وأنشد :
* ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته |
|
عليه تراب من صفيح موضّع (١) |
وهو النابغة بالألف واللام على أنه صفة غالبة ، ولكنه سماه بنابغة الذي هو صفة فخرج عن باب الصفة الغالبة.
وأنشد للفرزدق في تأنيث" هجر" فترك صرفها :
* منهن أيام صدق قد عرفت بها |
|
أيّام فارس والأيام من هجرا (٢) |
فلم يصرف" هجر" لأنه جعلها اسما للأرض والبقعة.
قال : " وسمعنا من يقول : كجالب التّمر إلى هجر"
فاستعمل المثل بترك صرف" هجر" وهذا يضرب مثلا لكلّ من جلب شيئا إلى موضع لا يستغرب فيه ولا يعجب منه ؛ لأن" هجر" أرض كثيرة التمر ، فهي مستغنية عن أن يجلب إليها ويضرب أيضا لمن أعلم غيره بشيء هو أعلم به منه.
وأنشد لجرير في ترك صرف" حراء" :
* ستعلم أيّنا خير قديما |
|
وأعظمنا ببطن حراء نارا (٣) |
فجعل" حراء" اسما لبقعة فلم يصرف ، ويقال فلان عظيم النار : إذا كان كثير الأضياف واسع المعروف.
وأنشد لرؤبة في صرفه :
* وربّ وجه من حراء منحن (٤)
__________________
(١) ديوان مسكين الدرامي ، ٤٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٤ ، المقتضب ٣ / ٣٧٣ ما ينصرف وما لا ينصرف ٥٤ ، شرح السيرافي ٤ / ورقة ١٠٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٢٤ ، فرحة الأديب ١٢٦ ، الخزانة ٤ / ١٠١ ، اللسان (وسط) ٧ / ٤٣١ ، (نبغ) ٨ / ٤٥٣.
(٢) ديوانه ١ / ٢٩١ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٣ ، المقتضب ٣ / ٣٥٩ (أيام واسط). ما ينصرف ٥٣ ، شرح السيرافي ٤ / ورقة ١٠٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٥٩ ، اللسان (وسط) ٧ / ٤٣٢.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٤ ، المقتضب ٣ / ٣٥٩ ، الأنباري ٢٣٩ ، شرح النحاس ٣١٩ ، شرح السيرافي ٤ / ١٠٣.
(٤) ديوان رؤبة ١٦٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٤ ، ونسبه سيبويه للعجاج ـ وما ينصرف وما لا ينصرف ٥٤ ـ شرح النحاس ٣١٢ ، (فرب) ، شرح السيرافي ٤ / ١٠٣ ، اللسان (حري) ١٤ / ١٧٤.