وأنشد سيبويه لزهير بن أبي سلمى :
* وأراك تفري ما خلقت |
|
وبعض القوم يخلق ثم لا يفر (١) |
أنشده على حذف الياء من يفري في القافية ، وهذا كقوله عز وجل : (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) [الكهف : ٦٤].
قال : " وإثبات الياء أقيس".
ومعنى تفري أي تقطع على جهة الإصلاح. ومعنى خلقت : قدّرت ، يقول للممدوح إذا قدرت أمرا وتبينت صوابه أنفذته وأتممته ، وبعض القوم يقدر الأمر ، ثم لا يمضيه ولا يتمه.
هذا باب ما يحذف من الأسماء من الياءات في الوقف
التي لا تذهب في الوصل
ذكر أن من العرب من يحذف ياء المتكلم في الوقف فيقول هذا غلام ، ويريد : غلامي.
وقد أسقان ، يريد : أسقاني. فأما ياء المتكلم في الفعل فالحذف فيها حسن ؛ لأن النون التي قبلها تدل عليها ولا لبس فيها.
وأما قولك : هذا غلام ، ففيه لبس ، فلا يجيزه بعض النحويين للبس ، وقد أجازه سيبويه لأن الوصل يبينه بكسر الميم.
وأنشد سيبويه للنابغة :
* إذا حاولت في أسد فجورا |
|
فإني لست منك ولست من (٢) |
يريد : " مّني" يقول هذا لعيينة بن حصن الفزاري وكان قد دعاه إلى مقاطعة بني أسد ، ونقض حلفهم فأبى النابغة ذلك وتوعده بهم.
وأنشد أيضا :
* وهم وردوا الجفار على تميم |
|
وهم أصحاب يوم عكاظ إن |
يريد : إني ، وخبر إنّ في بيت بعد هذا.
يصف بني أسد ، ويذكر أيّامهم ومشاهدهم ، توعّدا لعيينة بن حصن وفخرا عليه بهم.
وأنشد للأعشى :
* فهل يمنعني ارتيادي البلاد |
|
من حذر الموت أن يأتين |
__________________
(١) ديوان زهير ١١٩ ، الكتاب ٢ / ٢٨٩ ـ ٣٠٠ ، شرح النحاس ٣٣٦ ، شرح السيرافي ٦ / ٣٧٤ ، المسائل البغداديات ٥٠٦ ، المسائل العسكرية ٢٠٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٤٤ ، المنصف ٢ / ٧٤ ، ٢٣٢ ، اللسان خلق ١٠ / ٨٧ ، فرا : ١٥٣ / ١٥.
(٢) ديوانه ٧٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٩٠ ، شرح النحاس ٣٣٦ ، شرح السيرافي ٦ / ٣٧٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٣٥.