وجواب هذه الأشياء يكون بستة وهي :
الاستفهام والأمر والنهي ، وإن ، وإلا ، وإما ؛ لأن هذه الأشياء كلها في معنى الطلب ، ومعناها : سألتك بالله ، وطلبت منك به ، وهذه الستة تصلح أن تتعلق بالسؤال على معنى الجواب.
ومن هذه المصادر قولهم : «سلاما» أي : براءة منك وتسليما ، وقد يضاف.
قال أمية :
* سلامك ربنا في كل فجر |
|
بريئا ما تغنثك الذموم (١) |
أي : تنزيها من السوء. ومعنى ما تغنثك ، أي : ما تلصق بك صفة ذم. وتغنثك بالثاء المنقوطة ثلاث نقط.
هذا باب يختار فيه أن يكون المصادر مبتدآت مبنيا عليها ما بعدها
وذلك قولك : الحمد لله والعجب لك وما أشبه ذلك.
اعلم أن العرب اختارت رفع هذه المصادر ، لأنهم جعلوها كالشيء اللازم الواجب فأخبروا عنها فجعلوها مبتدآت وما بعدها خبر عنها ، وصارت بمنزلة قولك : الغلام لزيد.
ثم ذكر سيبويه أن مواضع الابتداء للمعرفة ، ثم بين قبح ابتداء النكرة ، ووصل ذلك بأشياء قد ابتدأت العرب فيها بالنكرة.
فوجه لها وجها ، وذلك قولك : «شيء ما جاء بك» و «شر أهرّ ذا ناب» فذكر أنه حسن ذلك معناه : ما جاء بك ، وجرى مثلا فاحتمل.
ومعنى هذا : كأنهم سمعوا هرير كلب في وقت لا يهر في مثله إلا لسوء ، ولم يكن غرضهم الإخبار عن شر ، وإنما يريدون أن الكلب أهره شيء.
وكذلك قولهم : «شيء ما جاء بك» يقوله الرجل لرجل جاءه ، ومجيئه غير معهود في ذلك الوقت ، هذا ، ومعناه ، ما جاء بك إلا شيء حادث لا يعهد مثله.
ثم قال :
* «وقد ابتدئ المنكور في الكلام على غير الوجه الذي ذكر وعلى غير ما فيه معنى المنصوب».
وهو قولهم : «أمت في الحجر لا فيك» ومعناه : اعوجاج في الحجر لا فيك ، فحمله على أنه إخبار محض ، وجاز ذلك لأنه مثل.
وقال المبرد : أريد به معنى الدعاء ، كأنهم قالوا : جعل الله في الحجر أمتا لا فيك.
__________________
(١) ديوان أمية ٥٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٦٤ ، شرح السيرافي ٣ / ١٠١ ، اللسان ٢ / ١٧٤.