وحكى المبرد في المقتضب عن يونس أنه كان يجيز الحكاية في جميع المعارف.
والذي حكاه سيبويه عن يونس في الباب : " إذا قال رجل : رأيت زيدا وعمرا ، أو زيدا وأخاه ، أو : زيدا أخا عمرو ، فالرفع يرده إلى الأصل والقياس كما يرد : ما زيد منطلق إلى القياس.
ولا أدري من أين للمبرد هذه الحكاية عن يونس؟.
هذا باب من إذا أردت أن يضاف لك من تسأل عنه
اعلم أن الإنسان قد يحتاج إلى معرفة نسب من يذكر له إذا عرف ذاك الاسم لجماعة مختلفي الأنساب ، فإذا سأل عنه وأورد لفظ المسألة مبهما منسوبا ، فاحتاج إلى ذكر اللفظ المبهم الذي يسأل به عن : أي الرجل الذي يراد معرفة نسبه ، واحتاج إلى نسبته ، وإلى الألف واللام.
فأما الاسم المبهم فهو" من" لأنها بها يسأل عن الرجل المنسوب إليه وأما علامة النسبة ، فليعلم أنه يسأل عنه منسوبا ويجري إعراب المبني على إعراب الاسم الذي ذكره المتكلم ، إن قال : جاءني زيد ، قلت : " المني" وهو مشتمل على كل من ينسب إلى" أب" ولا يحتاج في" المني" إلى ألف الاستفهام كما لم يحتج إليها في" من".
وإذا جعلت مكانها اسما منسوبا أدخلت ألف الاستفهام فقلت : أالقرشي أم الثقفي؟
هذا باب إجرائهم صلة" من" وخبرها إذا عنيت
اثنين كصلة اللذين ، وإذا عنيت جماعة كصلة الذين
اعلم أن ل" من" لفظا ومعنى فأما لفظها : فواحد مذكر ، فإذا رددت إليها ضميرا من صلتها أو خبرها أو غير ذلك ، كان واحدا مذكرا على لفظها. عنيت واحدا أو جمعا أو مؤنثا أو مذكرا وإن أردت أن يكون العائد إليها على معناها ، فهو على ما يقصده المتكلم من المعنى وقد مثل سيبويه المسائل في ذلك وذكر الشواهد عليه.
وأنشد في ما حمل على المعنى للفرزدق :
* تعال فإن عاهدتني لا تخونني |
|
نكن مثل من ـ يا ذئب ـ يصطحبان (١) |
يريد ب" من" نفسه والذئب ، فلذلك قال : يصطحبان ، و" من" هاهنا ، نكرة و" يصطحبان" في موضع النعت ، ولا يحسن أن تقدرها معرفة لئلا تحول بين الصلة والموصول بقوله : " يا ذئب" ، وليس من الصلة. والمعنى أنه وصف ذئبا طرقه ليلا وقد أوقد نارا في فلاة نزل بها ، فدعاه إلى طعامه وشرط على نفسه إن لم يخنه الذئب أن يكون صاحبه
__________________
(١) ديوانه ٢ / ٨٧٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٠٤ ، المقتضب (٢ / ٢٩٤ ، ٣ / ٢٥٣).