وغلب أبا خبيب لأنه أشهر من أخيه كما يقال : سيرة العمرين ، يعني : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وباقي الباب مفهوم.
هذا باب ما يكون مضمرا فيه الاسم
متحولا عن حاله إذا أظهر بعده الاسم
وذلك قولهم : لولاك وعساك.
قد تقدم أن الاسم الظاهر بعد" لولا" مرفوع بالابتداء على مذهب سيبويه ومن تابعه ، فينبغي إذا كني عنه أن يكون منفصلا ، فيقال فيه : " لو لا أنت" لأن سبيل المضمر سبيل الظاهر في موضعه من الإعراب ، وهذا هو الشائع الكثير في كلام العرب. قال تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ.)
ثم أجمع النحويون المتقدمون من البصريين والكوفيين على الرواية عن العرب" لولاك" و" لولاي" ، واستشهد سيبويه ببيت يزيد بن الحكم الثقفي :
* وكم موطن لولاي طحت كما هوى |
|
بأجرامه من قلة النيق منهوي (١) |
معنى طحت : ذهبت ذهاب هلاك وهويت. وجرم كل شيء : جملته. والنيق : رأس الجبل.
ورد المبرد ما رواه سيبويه وأبطل الاستشهاد بهذا البيت وزعم أن هذه القصيدة فيها خطأ كثير.
وهذا تحامل من المبرد ، وتجاوز في الأخذ من النحويين والطعن على العرب أن يسقط الاستشهاد بشعر رجل من العرب قد روى قصيدته النحويون وغيرهم ، وأن ينكر ما أجمع الجماعة على روايته.
واختلفوا بعد في موضع" الياء" و" الكاف" من" لولاي" و" لولاك" بعد إجماعهم على روايته. فقال سيبويه : موضعها جر. وقال الأخفش هما في موضع رفع. واستدل سيبويه على ذلك أن الياء والكاف لا يكونان علامة مضمر مرفوع ، ورد على من زعم أن الموضع رفع ـ وأن الرفع وافق الجر ـ بأنك إذا أضفت إلى نفسك ، فالجر مفارق للنصب في غير هذه الأسماء تقول : معي وضربني. ومعنى هذا الاحتجاج أنه لو كان الرفع محمولا على الجر في لولاك لفصل بين اللفظين في المتكلم ، فقيل لولاني كما فعل في النصب حين وافقه الجر في معك وضربك ، ثم خالفه في معي وضربني.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٨٨ ، الكامل ١ / ٣٤٥ ، المقتضب ٣ / ٧٣ ، شرح النحاس ٢٦٠ ، أمالي القالي ١ / ٦٨ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، المسائل العسكرية ١٦٠.