* لا كالعشية زائرا ومزورا (١)
فلا يكون إلا نصبا من قبل أن العشية ليست بالزائر
وتقديره : لا أرى زائرا مزورا كزائر العشية ومزورها ، كما قالوا : ما رأيت كاليوم رجلا رأيته أو أراه ، وإنما يقال ذلك عند التعجب ، ولو قال : " لا كالعشية عشية" ، جاز في" عشية" الرفع والنصب على الموضع وعلى اللفظ. وأجاز النصب أيضا على التمييز الذي مر ذكره في قوله :
* فهل في معد فوق ذلك مرفدا
كأنه قال : فهل عدد كثير فوق ذلك مرفدا ، وقد تقدم شرحه.
قال الزجاج : لا أعرف لقولهم : " ويلمه" نظيرا في كلام العرب إلا شيئا حكاه الفراء ، وهو" إيش عندك" ، يريد : أي شيء عندك فحذف.
هذا باب لا تغير فيه لا الأسماء عن حالها
التي كانت عليها قبل أن تدخل لا
ومن ذلك قول الراعي :
* وما صرمتك حتى قلت معلنة |
|
لا ناقة لي في هذا ولا جمل (٢) |
اعلم أن" لا" إذا عملت كانت على وجهين : أحدهما : أن تنصب ما بعدها وتبني معه إذا كان مفردا ، وإن كررتها وأردت إعمالها على هذا الوجه جاز.
والوجه الثاني : أن ترفع ما بعدها من النكرات وتنصب أخبارها ولا تعمل إلا في النكرة ولا يفصل بينها وبين ما عملت فيه ، وتكون محمولة على ليس في رفع الاسم ونصب الخبر ، وليس هذا بالكثير فيها. ولما جاز هذا منها ، لم تخرج عن حكمها في أقوى حاليها وهو نصب الاسم ورفع الخبر فلم يفصل بينها وبين ما عملت فيه ولم تعمل إلا في نكرة ، وعلى هذا المذهب جعل سيبويه قول سعد بن مالك :
* من صد عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح (٣) |
__________________
(١) ديوان جرير ٢٩٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٥٣ ، المقتضب ٢ / ١٥٠ ، مجالس ثعلب ١ / ٢٦٦ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٦ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٥٦ ، شرح عيون الكتاب ١٧٤ ، شرح المفصل ٢ / ١١٤ ، الخزانة ٤ / ٩٥.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٥٤ ، شرح السيرافي ٤ / ٤١ ، شرح ملحة الإعراب ١٥٧ ، مجمع الأمثال (٢ / ٢٢٠).
(٣) الكتاب وشرح الأعلم (١ / ٢٨ ، ٣٥٤) ، المقتضب ٤ / ٣٦٠ ، شرح النحاس ٧٧ ، شرح السيرافي (٤ / ٤٢ ، ٤٦) شرح ابن السيرافي ٨٢ ، الإنصاف ١ / ٣٦٧ ، شرح المفصل ١ / ١٠٨ ، أوضح المسالك ١ / ٢٠٣ ، مغني اللبيب (١ / ٣١٥ ، ٢ / ٨٢٥) ، شرح شواهد المغني ٢ / ٦١٢ ، الهمع ١ / ١٢٥ ، حاشية الصبان ١ / ٢٥٤ ، الخزانة (١ / ٤٦٧ ، ٤ / ٣٩) المقاصد النحوية ٢ / ١٥٠.