هذا باب ما لا يعمل فيه ما قبله من
الفعل لأنه كلام قد عمل بعضه في بعض
وذلك قولك : قد علمت أعبد الله ثم أم عمرو ... وأما ترى أي برق ههنا
اعلم أن هذه الأفعال التي يقع الاستفهام بعدها ، إنما هي أفعال القلوب من ظن وعلم وفكر وخاطر. ولا يجوز أن يقع في موضع ذلك فعل مؤثر ، لا يجوز : ضربت أيهم في الدار.
وقال أبو عثمان المازني قوله «أما ترى أي برق ههنا».
يريد به رؤية العين ؛ لأنه أراد أن يقول انظر إليه ببصرك : وجاز هذا في هذا خاصة لأنها محكية ولا يقاس عليها.
وقال غيره : الصحيح أنه يريد الرؤية في معنى العلم وإليه يرجع هذا الكلام ؛ لأن الإنسان إذا قال أما ترى أي شيء ههنا إنما يريد به رؤية العلم.
وقد يقول القائل : اذهب فانظر زيد أبو من هو؟ وليس يريد اذهب فأبصره بعينك إنما يريد اعلم ذلك.
قال : «وتقول قد علمت لعبد الله خير منك» إلى قوله «ولا تحيل على علم غيرك».
يعني أن الأصل : لعبد الله خير منك ، غير أنك لو تكلمت بهذا جاز أن يكون على سبيل التظني منك ، كما أنك إذا قلت : قد علمت أزيد ثم أم عمرو؟ ثم أدخلت علمت لتبين أنك قد استقر في علمك الكائن منها.
قوله «ولو لم تستفهم ولم تدخل لام الابتداء لأعملت علمت كما تعمل عرفت» وذلك قولك : قد علمت زيدا خيرا منك ، قال الله عز وجل (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) [البقرة : ٧٥].
قال المبرد : ذكر علمت التي في معنى عرفت ليبين لك وجوه علمت. وقال غيره : إنما استشهد بعلمت التي في معنى عرفت ؛ لأنه قال قبل هذا ولو لم تستفهم ولم تدخل لام الابتداء لأعملت علمت كما تعمل عرفت.
فتعديه إلى مفعولين.
ثم استدل على جواز إعمال علمت عمل عرفت بما ذكر من الآيات وهو قول قريب.
قال «وتقول قد عرفت زيدا أبو من هو».
«فزيد» منصوب بعرفت ، وأبو من هو عند المبرد حال وهو غلط ؛ لأن الجملة إذا كانت في موضع الحال ، جاز أن تدخل عليها الواو كقولك : مررت بزيد وأبوه قائم وأنت لا تقول عرفت زيدا وأبوه من هو ، فقد بطل الذي قال من الحال. والصواب أن تكون الجملة بدلا من زيد ، وموضعها نصب ، كأنك قلت : عرفت أبو من هو.
وقد يخرج قول المبرد ؛ لأن الجملة المستفهم عنها فضلة مفيدة بعد معرفة ، فوقعت