* ظهراهما مثل ظهور الترسين (١)
فثنى وجمع ـ وصف فلاتين مستويين لا نبت فيهما ، فشبه ظهريهما بظهور الترسين.
هذا باب إجراء الصفة على الاسم فيه في بعض المواضع أحسن
وقد يستوي فيه إجراء الصفة على الاسم وأن تجعله خبرا فتنصبه قوله في هذا الباب : ومثل ذلك مما الوصف فيه أحسن : هذا رجل عاقل لبيب.
اختار في هذه المسألة رفع لبيب لأنه بمنزلة عاقل في بيانه للأول وتحليته به ، وأجاز نصبه على الحال ، وتقديره : يعقل في حال لبه ، وضعفه لأنه لم يرد أن الأول وقع وهو في هذه الحال ، ولكنه أراد أنهما ثابتان ولم يكن واحد منهما قبل صاحبه.
وتقدير الحال هنا في أنها ثابتة في الأول غير عارضة فيه ، كتقدير قولهم : قم قائما ، وقد علم أن وقوع القيام في حال ما هو قائم ومثله قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٩] وقد علم أنه رسول في حال الإرسال ، كما علم أنه لبيب إذا كان عاقلا.
واعلم أن بعض النحويين لا يجيز الخفض في الصفة الثانية إذا اتصلت بضمير الموصوف في قولك : مررت برجل معه صقر صائد به واحتجوا بأن القلب لا يصلح ، ألا ترى أنك لو قلت : مررت برجل صائد به معه صقر ، لم يجز ، لتقديم المضمر على الظاهر فاحتج عليهم سيبويه بمسائل يوافقونه فيها ، ولو قلبت لبطل الكلام بها ، وقوي ذلك بقول حسان بن ثابت :
* ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم |
|
وفينا نبي عنده الوحي واضعه (٢) |
فواضعه : صفة لنبي ، ولو قدم لم يجز
وطعن بعض النحويين على سيبويه على استشهاده بالبيت ، وقال : لا شاهد فيه ، لأن الهاء في واضعه للذي صنعتم ، ولو قدم واضعه على هذا التأويل لجاز والذي قاله سيبويه : صحيح ، لأنه جعل الهاء في واضعه ضمير الوحي وقوله عند الوحي صفة لرسول ، واضعه : صفة أخرى.
ومعناه مفشيه وذاكره ، لأنهم ظنوا أنّه يخفى ما دبروه ، فيبلغوا إرادتهم فأفشاه الوحي فبطل. ومعنى الوحي في البيت هو ما بينه الله بالوحي من صنيع القوم ، الذي بينه النبي صلّى الله عليه وسلّم
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم (١ / ٢٤١ ، ٢ / ٢٠٢). معاني القرآن (٣ / ٨٧ ، ١١٨) ، شرح السيرافي ٣ / ٣٣٨ ، المسائل البغداديات ٤٣١ ، شرح المفصل ٤ / ١٥٥ ، ١٥٦ ، الهمع ٢ / ٦٢ ، حاشية الصبان ٣ / ٧٤ ، المقاصد النحوية ٤ / ٨٩ ، اللسان (مرت) ٢ / ٨٩.
(٢) ديوان حسان ٢٧١ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٤٢ ، شرح النحاس ١٧٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٥٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٥٣.