أم قرشيّا صارما هزبرا؟ (١)
" زبر" : مكبر الزبير ، والزبير بن العوام رضي الله عنه ابنها رأته قد صارع آخر فصرعه الزبير ، فقالت للمصروع : كيف رأيت زبرا؟. أي : الزبير ، أرأيته طعاما تأكله ويلين لضربتك أم خشنا على قرنه كالسيف والأسد؟ وقولها : أأقطا أو تمرا؟ لدخول" أو" بينهما بمنزلة : أطعاما؟ ، ووقعت المعادلة بينه وبين" قريشا".
قال سيبويه : فإذا قلت : أتجلس أم تذهب؟ ، فأم و" أو" فيه سواء.
فجعل" أم" و" أو" جميعا تلي حرف الاستفهام ؛ لأن المسألة ليست عن أحد الاسمين ، وإنما هي عن إحدي جملتين لكل واحدة منهما فعل وفاعل ومفعول ، فصارت" كأم" المنقطعة التي لا يدخل ما بعدها في ما قبلها ولا يتعلق به.
وكان المبرد يقول : إن معنى قول سيبويه" فأم" و" أو" فيه سواء ، يعني. في جواز وقوعها في هذا الموضع وإن كان مختلفا معناهما في أصل الباب. واستواؤهما أن" أم" لم تدخل لتثبت الفعل لأحد الاسمين ، كما تكون في : أزيد قام أم عمرو؟ ونحوه.
وأنشد سيبويه لحسان بن ثابت :
* ما أبالي أنبّ بالحزن تيس |
|
أم لحاني بظهر غيب لئيم (٢) |
فهذا لا تكون فيه" أو" ، كما لا تقول : ما أبالي أقام زيد أو عمرو ؛ لأنه لا يجوز السكوت على الاسم الأول ، فلا يجيء إلا على معنى أيهما كان وإنما أراد أن يسوي بين نبيب التيس ، ولحي اللئيم له في قلة الاهتمام بهما والمبالاة.
هذا باب أو في غير الاستفهام
تقول : جالس زيدا أو عمرا أو خالدا كأنك قلت : جالس أحد هؤلاء ، وتقول : " خذ بما عز أو هان" ، كأنك قلت خذه بهذا أو بهذا. وإن شئت جئت بالواو.
اعلم أن : " أو" و" أم" و" الواو"" وبل" : أصول وضعن مختلفة ، ثم يقع فيهن من المجاز والاتساع ما يتدخلن به فيستعمل الحرفان منهن في معنى واحد. فمن ذلك اجتماع" الواو" و" أو" في قولك : " خذه بما عز أو هان" ، و" بما عز وهان" ، لا فرق بينهما. فأما من قال : " بأو" فمعناه خذه بأحد هذين : إما العزيز ، وإما الهين ولا يفوتك بحال. وأما من قال : " بما عز وهان" بالواو ، فمعناه : خذه بما بدا لك من العزيز والهين كما تقول : استصلحه بالرفق
__________________
(١) الكتاب ١ / ٤٨٨ ، الكامل ٣ / ١٧٨ ، المقتضب ٣ / ٣٠٣ ، شرح السيرافي ٤ / ٦٣٥ ، ٦٤٩ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٩٠ ، اللسان (زبر) ٤ / ٣١٧.
(٢) ديوان حسان ٣٧٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٨٨ ، المقتضب ٣ / ٢٩٨ ، شرح السيرافي ٤ / ٦٣٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤٧ ، فرحة الأديب ١١٧. الخزانة ١١ / ١٥٥.