قال : بلى ، قال : فأنا الحارث بن ظالم أريد قتلك. فذل له ابن الإطنابة حتى كف عنه.
وأنشد أيضا لكثير :
* أراني ولا كفران لله وإنما |
|
أواخي من الأقوام كل بخيل (١) |
فهذا لا يجوز فيه فتح إنما لأن إن لو رفعت هاهنا كانت مكسورة لدخولها على جملة ابتداء وخبر وقوعها موقع المفعول الثاني كما تقول : أرى زيدا صاحبه كل بخيل ولو دخلت" إن" هنا لكسرت. فاعلم ذلك.
هذا باب تكون فيه" أن" بدلا من شيء هو الآخر
وذلك قولك : بلغتني قصتك أنك فاعل
ففتحت أن لأنها بدل من القصة ، وهذا وما أشبهه بين إن شاء الله.
هذا باب تكون فيه أن بدلا من شيء ليس بالآخر
ذكر في هذا الباب آيات من القرآن تحتاج إلى التبيين والفرق بين بعضها وبعض فمنها قول الله عز وجل : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) [الأنفال : ٧] " فأنها" بدل من" إحدى الطائفتين"
وهو بدل الاشتمال كما تقول : وعدتك إحدى الثوبين ملكه ، " فملكه" : بدل من إحدى الثوبين.
وقوله عز وجل : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) [يس : ٣١] : أنهم بدل من معنى جملة (كم أهلكنا).
لا من لفظ" كم" ، لأن لفظ" كم" في التقدير منصوب" أهلكنا" ، فلو أبدلنا" أنهم" من لفظ" كم" صار العامل فيها" أهلكنا" فيكون تقديره" أهلكنا أنهم إليهم لا يرجعون" ، وهذا لا معنى له ، ولكن" كم" وما بعدها إذا جعلت اسما غير استفهام ، فتقديرها : " ألم يروا الذين أهلكناهم من القرون" ، ومعنى" يروا" : يعلموا فإذا قدرناه هذا التقدير ، وأبدلناه ، صار المعنى : ألم يعلموا أن القرون التي أهلكناهم من قبلهم لا يرجعون.
وفيه وجه آخر : وهو أن تجعلها في صلة" أهلكناهم" ، أي : أهلكناهم بهذا الضرب من الهلاك.
وقوله عز وجل : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) [المؤمنون : ٣٥] فيه وجهان :
__________________
(١) ديوانه ٢ / ٢٤٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٦٦ ، شرح النحاس ٣٠٢ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٣٥ ، الخصائص ١ / ٣٣١ ، شرح المفصل ٥ / ٥٨٨ ، الهمع ١ / ٢٤١.