نصب بالفعل الذي بعدها.
فإذا قلت : جئتك أنك تريد المعروف ، " فأنك" في موضع نصب" بجئتك" ، لما حذفت اللام ، وصل الفعل إلى ما بعدها ، وكانت اللام في موضع ، نصب وكذلك سائر ما ذكره في الباب.
وكان الكسائي يقول : إنها في موضع جر.
وقد قوى سيبويه ذلك من غير أن يبطل قول الخليل.
وكان المبرد يراه منصوبا والزجاج يجوز الأمرين جميعا. والأقوى : أن موضعه جر لأن حروف تحذف من" أن" و" أن" مخففة ومشددة ، لأنهما وما بعدهما بمنزلة اسم واحد وقد طال فحسن الحذف منه كما يحسن حذف الضمير العائد إلى" الذي" ، فحرف الجر وإن لم يذكر فكأنه موجود في الحكم كما أن الضمير وإن حذف ، فهو كالمثبت في التقدير.
وأنشد سيبويه للفرزدق :
* منعت تميما منك أني أنا ابنها |
|
وشاعرها المعروف عند المواسم (١) |
ففتح" أن" على معنى : " لأني أنا ابنها" ، وكسرها على القطع جائز ، وحكاه سيبويه عن العرب.
وشبه سيبويه حذف حرف الجر وإعماله مضمرا بحذف" رب" وإعمالها مضمرة.
وأنشد :
* وبلد تحسبه مكسوحا
أراد : ورب بلد.
والمبرد يخالفه في هذا ويجعل" الواو" بدلا من رب مغنية عنها ، فما بعدها ينخفض" بما" كما ينخفض" برب"
والمكسوح : المكنوس ، وصفه بالخراب وقلة العمارة ، فهو لا ينبت شيئا ولا ترى به أثرا فكأنه مكنوس.
قوله في آخر الباب بعد أن ذكر الخليل : " إلا أنه" الهاء للخليل ـ وقوله : " موصولا إليه" : الهاء : " لأن" ، والهاء في" تقديمه وتأخيره"" لأن" أيضا.
وقوله : " ليس هو الذي عمل فيه".
يعني : ليس الفعل الذي عمل في" أن"
هذا الباب مفهوم إن شاء الله.
__________________
(١) ديوانه ٢ / ٥٨٧ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٦٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٣١.