" معروف" في موضع نصب بآمر ، كقولك : أمرت بالمعروف ، فأنا آمر بالمعروف ، فالباء في اسم الفاعل مثلها في الفاعل كأنك قلت : لا آمرا معروفا كما تقول : أمرت الخير وأمرت بالخير ، فإن قلت : لا آمر بمعروف ، فإن الباء ليست في صلة آمر كأنك قلت : لا آمر ، وسكت وأضمرت خبره ، ثم جئت بالباء للتبيين ، كأنك قلت : أعني بمعروف كما تقول : " سقيا" ، ثم تجيء ب" لك" على معنى : أعني.
هذا باب وصف المبني
الذي يفسر من هذا الباب أن الاسم والصفة بنيا و" لا" قد دخلت عليهما وهي تبنى مع ما بعدها فتصير ثلاثة أشياء كشيء واحد في الظاهر؟.
فإن اعترض معترض بهذا فالجواب : أنهما بنيا ، لأن الموضع الذي وقعا فيه موضع تغيير وبناء شيء مع شيء غيره ، فإذا كان قد بني فيه الاسم مع حرف ، فبناء اسم مع اسم أولى ، لأن ذلك أكثر في الكلام" كخمسة عشر" ، و" جاري بيت بيت" فإذا أدخلت" لا" على الاسم والصفة وقد بنيا ، وكانت هي غير مبنية معهما ولكن تعمل في موضعهما عملها في موضع خمسة عشر ، ولا خيرا من زيد وما أشبهه.
هذا باب لا يكون فيه الوصف إلا منونا
وذلك قولك : لا رجل اليوم ظريفا ولا رجل فيها عاقلا
في كلام سيبويه في هذا الباب مع ما تقدم من الشرح ما يغني عن تفسيره إن شاء الله.
هذا باب لا تسقط فيه النون وإن وليت لك
وذلك قولك : لا غلامين ظريفين لك ولا مسلمين صالحين لك.
اعلم أن الذي منع إسقاط النون وبعدها" لك" أن النون إنما تسقط من النفي الذي يلي" لا" على نية الإضافة إلى ما بعد اللام ، فإذا قلت : غلامين ظريفين لك ، فلا بد من إثبات النون في غلامين لأنك فصلت بينهما وبين" لك" بظريفين ، ولا بد من إثباتها في" ظريفين" إذا لم يتصلا بحرف النفي ، وإنما يكون حذف النون في الاسم المنفي دون صفة.
هذا باب ما جرى على موضع المنفي
لا على الحرف الذي عمل في المنفي ، فمن ذلك قول ذي الرمة :
* بها العين والأرام لا عد عندها |
|
ولا كرع إلا المغارات والربل (١) |
" فالمغارات" : بدل من موضع المنصوب ب" لا" و" عندها" : خبر" لا" ، والمغارات :
__________________
(١) ديوان ذي الرمة ٤٥٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٥٢ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٣ ، أساس البلاغة (كرع) ٣٩٠.