الكوفة يقولون : إن الخبر مرفوع بما كان يرتفع به قبل دخول" إن" لأن" إن" دخلت وعملها ضعيف فعملت في الاسم ولم تجاوزه ، وبقي الخبر مرفوعا على حاله قبل دخول" إن".
وهذا غلط منهم ومناقضة ، فأما الغلط : فلأن خبر المبتدأ كان يرتفع بالتعري من العوامل اللفظية ، وقد دخلت" إن" فزال ذلك التعري ، وأما المناقضة : فإنهم يقولون : زيد قائم ، كل واحد منهما يرافع الآخر ، وإذا دخلت" إن" بطلت المرافعة ، فكيف يبقى الخبر على حاله؟
وأنشد سيبويه في تقديم الظرف على المنصوب بإن :
* فلا تلحني فيها فإن بحبها |
|
أخاك مصاب القلب جم بلابله (١) |
فرفع مصابا على الخبر. ولا يجوز نصبه ، لأن المجرور لا يتم به الكلام. والجم : الكثير ، والبلابل : الأحزان.
وأنشد في دخول اللام على الظرف المقدم قبل الخبر لأبي زبيد.
* إنّ امرأ خصني عمدا مودته |
|
على التنائي لعندي غير مكفور (٢) |
فغير مكفور : هو الخبر ، وعندي من تمامه مقدم عليه.
وأنشد في تخفيف" كأن" ، وحذف اسمها في الشعر لابن صريم اليشكري
* ويوم توافينا بوجه مقسم |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم (٣) |
أي : كأنها ظبية ، ويروى : كأن ظبية على إعمال" كأن" المخففة عمل المثقلة ، وحذف الخبر ، كأنه قال : كأن ظبية هذه المرأة ـ ويروى كأن ظبية : بجعل أن توكيدا زائدة ، وبخفض بالكاف.
قال أبو عبيدة : القسمات : مجاري الدموع من الخدين ومعنى مقسم : حسن القسمات ، وتعطو : تتناول ، والوارق : ذو الورق. والسّلم : شجر.
وأنشد للآخر :
* ووجه مشرق النحر |
|
كأن ثدياه حقّان (٤) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٠ ، إعراب القرآن ٢ / ٦٣٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٨٨ ، المقتصد ١ / ٤٥٣ ، مغني اللبيب ٢ / ٩٠٩ ، طرر ابن عقيل ١ / ١٣٧ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٩ ، همع الهوامع ١ / ١٣٥ ، حاشية الصبان ١ / ٢٧٢ ، الخزانة ٨ / ٤٥٢ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٠٩.
(٢) ديوان ٧٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨١ ، شرح النحاس ١٩٧ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٨٨ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٣٤٢ ، المقتصد ١ / ٤٥٥ ، الإنصاف ١ / ٤٠٤ ، شرح المفصل ٨ / ٦٥ ، مغني اللبيب ٢ / ٨٨٥ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٩٥٣ ، همع الهوامع (١ / ١١٦ ، ٥ / ٥٩).
(٣) الأصمعيات ١٥٧. الكتاب وشرح الأعلم ١ / ١٨١ ، الكامل ١ / ٨٢ ، إعراب القرآن ١ / ٣١٨ ، شرح النحاس ٦٠ ، ١٩٦ أمالي القالي ٢ / ٢١٠ ، شرح السيرافي ١ / ٥٢٥.
(٤) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨١ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٩٠ ، المنصف ٣ / ١٢٨ شرح عيون الكتاب ـ ـ