ومثل سيبويه سواء ـ إذا استعمل اسما في ضرورة الشعر ـ بالكاف التي هي حرف ، وقد يضعها الشاعر في موضع" مثل" اسما لأنها للتشبيه كقوله :
فصيروا مثل كعصف مأكول
ومثل الكاف ـ في إنها حرف ـ بالباء الجارة فقال : " ومثل ذلك : أنت في حال كعبد الله فأجري مجرى : بعبد الله".
أي : أن الكاف حرف بمنزلة الباء إلا أن الشاعر إذا اضطر أجرى الكاف مجرى مثل فجعلها اسما.
قال : " وتقول : كيف أنت أقبل قبلك ونحي نحوك"
فجعل" قبلا" و" نحوا" اسمين وأقامهما مقام الفاعل.
قال : " وهو بمنزلة قولك : كيف أنت إذا أقبل النقب الركاب".
فالركاب اسم للإبل ، وقد أقامها مقام الفاعل في أقبل ، ونصب" النقب" ومعناه : الطريق في الجبل ، فشبه قبلك ونحوك وناحيتك بالركاب في إقامتها مقام الفاعل.
قال : " وأما دونك فإنه لا يرفع أبدا"
اعلم أن دونك تستعمل على معنيين.
ـ أحدهما : في المكان : كقولك : زيد دون عمر ، ويكون هذا على ضربين :
أحدهما : أن تريد الموضوع بعينه.
والآخر : أن تريد أنه دونك في الشرف والعلم ونحو ذلك ، فيكون على طريق المثل.
ـ وأما الموضع الآخر : فأن تكون بمعنى : حقير ومسترذل ، فيقال : هذا دونك ، أي هذا حقير ، وهذا مسترذل ، كما تقول : ثوب دون إذا كان رديئا.
وقد ذكر سيبويه هذا الوجه. وإنما قطع على أن" دون" لا ترفع أبدا إذا كانت للموضع والمنزلة من الشرف وغيره.
وذكر سيبويه في هذا الباب حروفا غرائب استعملت ظروفا ، ففسر معانيها.
قال : فمن ذلك حرفان ذكرناهما في الباب الأول ثم نفسر معناهما وهما :
صددك ، ومعناه : القصد ، وسقبك ومعناه : القرب ، ومنه قول العرب : هو وزن الجبل ، أي : ناحية منه ، وهم زنة الجبل ، أي : حذاءه فرقوا بين المعنيين لاختلاف اللفظين ومن ذلك قول العرب : هم قرابتك أي : قربك.
فهذه ظروف لأنها جهات أجريت مجرى : خلف وقدام.
ومنه قول أبي حية النميري :