وقد أعدّ له فيه كل ما يصلح لمثله من الآلة والفرش والماعون ، واستقرّ أصحابه فيما لا كفاء له من سعة التضييف وإرغاد المعاش. واستشعر الناس من مسرّة هذا اليوم وعزّة الإسلام فيه ما أفاضوا في التبجّح به والتحدّث عنه أياما ، وكانت للخطباء والشعراء بمجلس الخليفة في هذا اليوم مقامات حسان ، وإنشادات لأشعار محكمة متان ، يطول القول في اختيارها ، فمن ذلك قول عبد الملك بن سعيد المرادي من قصيدة حيث يقول : [الكامل]
ملك الخليفة آية الإقبال |
|
وسعوده موصولة بنوال (١) |
والمسلمون بعزّة وبرفعة |
|
والمشركون بذلّة وسفال (٢) |
ألقت بأيديها الأعاجم نحوه |
|
متوقّعين لصولة الرّئبال (٣) |
هذا أميرهم أتاه آخذا |
|
منه أواصر ذمّة وحبال |
متواضعا لجلاله متخشّعا |
|
متبرّعا لمّا يرع بقتال |
سينال بالتأميل للملك الرّضا |
|
عزّا يعمّ عداه بالإذلال |
لا يوم أعظم للولاة مسرّة |
|
وأشدّه غيظا على الأقبال |
من يوم أردون الذي إقباله |
|
أمل المدى ونهاية الإقبال |
ملك الأعاجم كلّها ابن ملوكها |
|
والي الرّعاة إلى الأعاجم والي (٤) |
إن كان جاء ضرورة فلقد أتى |
|
عن عزّ مملكة وطوع رجال |
فالحمد لله المنيل إمامنا |
|
حظّ الملوك بقدره المتعالي |
هو يوم حشر الناس إلّا أنهم |
|
لم يسألوا فيه عن الأعمال |
أضحى الفضاء مفعّما بجيوشه |
|
والأفق أقتم أغبر السّربال |
لا يهتدي الساري لليل قتامه |
|
إلّا بضوء صوارم وعوالي |
وكأن أجسام الكماة تسربلت |
|
مذ عرّيت عنه جسوم صلال |
وكأنما العقبان عقبان الفلا |
|
منقضّة لتخطّف الضّلّال |
وكأن مقتضب (٥) القنا مهتزّة |
|
أشطان نازحة بعيدة جال (٦) |
__________________
(١) في ب : بتوال.
(٢) السفال ـ بفتح السين : مصدر سفل أي النزول من أعلى إلى أسفل.
(٣) الرئبال : الأسد.
(٤) في ب : للأعاجم.
(٥) في ب : منتصب.
(٦) جال : صفحة البئر.