لأنّ قولنا (١) هو عالم بوضع الألفاظ معناه أنّه عالم بوضع كلّ لفظ (٢) فنقيضه المشار إليه بقوله : وإلّا ، يكون سلبا جزئيّا (٣) أي إن لم يكن عالما بوضع كلّ لفظ ، فيكون اللّازم عدم دلالة كلّ لفظ ، ويحتمل أن يكون البعض منها دالا (٤) لاحتمال أن يكون عالما بوضع البعض.
ولقائل أن يقول : لا نسلّم (٥) عدم التّفاوت في الفهم على تقدير العلم بالوضع ، بل يجوز أن يحضر في العقل معاني بعض الألفاظ المخزونة في الخيال (٦) بأدنى التفات لكثرة الممّارسة والمؤانسة وقرب العهد ، بخلاف البعض فإنّه يحتاج إلى الالتفات أكثر (٧) ، ومراجعة أطول مع كون الألفاظ مترادفة والسّامع عالما بالوضع وهذا ممّا نجده
________________________________________
(١) الأولى أن يقول الشّارح ، لأنّ قوله بضمير الغيبة العائد على المصنّف.
(٢) أي فيكون إيجابا كلّيّا.
(٣) أي لما تقرّر في المنطق من أنّ الإيجاب الكلّي إنّما يناقضه السّلب الجزئي لا الكلّي ، ثمّ إنّ من المعلوم أنّ السّلب الجزئي أعمّ من السّلب الكلّي ، وذلك لتحقّق السّلب الجزئي عن انتفاء الحكم عن كلّ الأفراد الّذي هو السّلب الكلّي ، وعند انتفائه عن بعض الأفراد.
(٤) أي لأنّ رفع الإيجاب الكلّي صادق على السّلب الجزئي والكلّي معا.
(٥) هذا اعتراض على قول المصنّف ، أعني «لأنّ السّامع إذا كان عالما بوضع الألفاظ لم يكن بعضها أوضح» ، أي من حيث الدّلالة من بعض.
وحاصل الاعتراض لا نسلّم عدم التّفاوت من حيث الوضوح والخفاء على تقدير العلم بالوضع ، بل يمكن التّفاوت والاختلاف من حيث وضوح الدّلالة وخفائها مع العلم بالوضع.
(٦) أي مثل زيد أسد ، وأبو أحمد ليث ، والمرتضى غضنفر ، إذا فرضنا استعمال هذه الألفاظ في مدح من اسمه زيد ، وكنيته أبو أحمد ، ولقبه المرتضى ، كانت دلالة الجملة الأولى أوضح من الثّانية والثّالثة ، وذلك لكثرة الممّارسة والمؤانسة وقرب العهد ، أو فرضنا أنّ زيدا كان مكّنى بأبي أحمد ، وأبي سعيد ، وأبي عقيل ، فيقال في مدحه : أبو أحمد أسد ، وأبو سعيد ضرغام ، وأبو عقيل سبع ، في الآجام كان الأوّل أوضح من الثّاني والثّالث.
(٧) أي كلفظ الغيث والغضنفر والضّرغام ، وحينئذ فقد وجد الوضوح والخفاء في دلالة المطابقة مع العلم بالوضع ، فقول المصنّف : «لأنّ السّامع ...» غير مسلّم.