أي خيامنا. [وأرحلنا الجزع الّذي لم يثقّب (١)] الجزع بالفتح (٢) الخرز اليمانيّ الّذي فيه سواد وبياض ، وشبّه به (٣) عيون الوحش ، وأتى بقوله : لم يثقب ، تحقيقا للتّشبيه ، لأنّه إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعيون.
قال الأصمعيّ (٤) : الظّبي والبقرة إذا كانا حيّين فعيونهما كلّها سود (٥) ، فإذا ماتا بدا بياضها (٦) ، وإنّما شبّهها بالجزع ، وفيه سواد وبياض بعد ما موّتت (٧) ، والمراد كثرة الصّيد ، يعني ممّا (٨) أكلنا كثرت العيون عندنا ، وكذا في شرح ديوان امرئ القيس ، فعلى هذا التّفسير (٩) يختصّ الإيغال بالشّعر.
________________________________________
(١) بضمّ الياء وفتح الثّاء وتشديد القاف ، وكسر الموحّدة.
(٢) أي بفتح الجيم وسكون الزّاء ، وأمّا الجزع بفتح الجيم والزّاء ، فهو ضدّ الصّبر.
(٣) أي شبّه امرئ القيس عيون الوحش بعد موتها بالجزع حال كونه غير مثقوب ، لأنّ الجزع إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعيون.
وحاصل الكلام في البيت : إنّ تشبيه عيون الوحش بعد موتها في الجزع في اللّون والشّكل ظاهر ، لكنّ الجزع إذا كان مثقبا يخالف العيون في الشّكل مخالفة ما ، فلذا زاد قوله : «لم يثقّب» حتّى يتحقّق التّشابه في الشّكل بتمامه ، وبيّن المصنّف أنّ الطّرفين متساويان في الشّكل الّذي هو وجه الشّبه مساواة تامّة ، فتكون هذه الزّيادة لتحقيق التّشبيه ، وبيان التّساوي في وجه الشّبه ، وهو المطلوب.
(٤) المقصود من نقل قول الأصمعيّ هو الرّدّ على ما قيل : من أنّ المراد به قد طالت مسايرتهم في المفاوز حتّى ألفت الوحوض رحالهم وأخبيتهم ، كما في المطوّل.
(٥) سود جمع أسود.
(٦) أي ظهر بياض عيونهما.
(٧) أي بعدما صارت ميّتا.
(٨) متعلّق بما بعده ، أعني «كثرت».
(٩) أي قول المصنّف في تفسير الإيغال بأنّه ختم البيت بما يفيد نكتة يتمّ المعنى بدونها فيكون الإيغال مختصّا بالشّعر نظرا إلى تقييده بالبيت.