في قولها] أي في قول الخنساء في مرثية أخيها صخر : [وإنّ صخرا لتأتمّ] أي تقتدي [الهداة به كأنّه (١) علم] أي جبل مرتفع [في رأسه نار (٢)] فقولها : كأنّه علم واف بالمقصود ، أعني التّشبيه بما يهتدى به ، إلّا أنّ في قولها : في رأسه نار ، زيادة مبالغة. [وتحقيق] أي وكتحقيق [التّشبيه (٣) في قوله (١) : كأنّ عيون الوحش (٤) حول خبائنا]
________________________________________
(١) أي كأنّ صخرا جبل مرتفع.
(٢) أي في رأس ذلك العلم ، أي الجبل نار ، والشّاهد في البيت كونه مختوما بما يفيد نكتة وهي زيادة المبالغة في التّشبيه ، لأنّ قولها «كأنّه علم» واف بالمقصود ، وهو تشبيه صخر بما هو معروف بالهداية ، أي العلم المرتفع ، فإنّه اشهر ما يهتدى به ، ولكن في قولها : «في رأسه نار «زيادة للمبالغة ، وحاصله : إنّ تشبيهها صخرا بالجبل المرتفع الّذي هو أظهر المحسوسات في الاهتداء به مبالغة في ظهوره في الاهتداء ، ثمّ زادت في المبالغة بوصفها العلم بكونه في رأسه نار ، فإنّ وصف العلم المهتدى به لوجود نار على رأسه أبلغ في ظهوره في الاهتداء ممّا ليس كذلك ، فتنجر المبالغة إلى المشبّه الممدوح بالاهتداء به ، وظهر ممّا قلناه إنّ الإضافة في قول المصنّف : «كزيادة المبالغة» حقيقيّة.
(٣) المراد به بيان التّساوي بين الطّرفين في وجه الشّبه ، وذلك بأن يذكر في الكلام ما يدلّ على أنّ المشبّه مساو للمشبّه به في وجه الشّبه ، والفرق بينه وبين المبالغة في التّشبيه ، إنّ المبالغة في التّشبيه كما تقدّم ترجع إلى الإتيان بشيء يفيد أنّ المشبّه به غاية في كمال وجه الشّبه الكائن فيه ، فينجرّ ذلك الكمال إلى المشبّه الممدوح بوجه المشبّه ، وأمّا تحقيق التّشبيه ، فيرجع إلى زيادة ما يحقّق التّساوي بين المشبّه والمشبّه به حتّى كأنّهما شيء واحد لظهور الوجه فيهما بتمامه ، من غير إشعار بكون المشبّه به غاية في وجه الشّبه.
(٤) الوحش : مطلق الحيوان الّذي لا يؤنس الإنسان ، والمراد به هنا الظّبي أو بقر الوحش ، «الخباء» بالخاء المعجمة والموحّدة ككتاب : الخيمة ، وما صنعه الشّارح من تفسيره بالخيام لا يصحّ ، فإنّه مفرد جمعه أخبية ، «الأرحل» جمع الرّحل ، وهو كفلس : ما يصحبه الإنسان في السّفر من الأثاث والمتاع ، «الجزع» بالجيم والزّاء والعين كفلس : الخرز اليمانيّ الّذي فيه سواد وبياض ، وهو عقيق فيه دوائر البياض والسّواد ، كما في بعض الشّروح ، والشّاهد في البيت : كونه مشتملا على الإيغال ، أي كونه مختوما بما يفيد نكتة وهي تحقيق التّشبيه.
__________________
(١) أي قول امرئ القيس.