[وقوله (١):] فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركي وإن (٢) خلت أنّ المنتأى عنك واسع] ، أي موضع البعد عنك ذو سعة ، شبّه (٣) في حال سخطه وهو له (٤) باللّيل ، قيل في الآية : حذف المستثنى منه (٥) وفي البيت حذف جواب الشّرط (٦) فيكون كلّ منهما إيجازا لا مساواة.
________________________________________
مكر المؤمن وتفكره في أمر دينه ، (إِلَّا) حرف استثناء مفرّغ ، (بِأَهْلِهِ) متعلّق ب (يَحِيقُ) ، والجملة عطف على سابقتها ، والشّاهد كونها مساو لأصل المراد ، والمعنى : ولا يحيق ، أي لا ينزل المكر السّيئ إلّا بأهله ، أي إلّا بمستحقّه بعصيانه وكفره.
(١) أي قول النّابغة الذّبياني في مدح أبي قابوس ، وهو النّعمان بن المنذر ، ملك الحيرة ، حين غضب عليه ، وقد كان من ندمائه ، وأهل أنسه ، فمدحه بأنّ مطروده لا يفرّ منه ، ولو بعد في المسافة ، لأنّ له أعوانا في محلّ قرب أو بعد ، يأتون به إليه ، فمتى ذهبت لمكان أدركه كاللّيل.
(٢) أي ظننت ، و «المنتأى» بالنّون السّاكنة والتّاء المفتوحة والهمزة الممدودة ، محلّ الانتياء ، وهو البعد مأخوذ من انتأى عنه ، أي بعد ، فهو اسم مكان ، وعليه فلا يتعلّق به الجار والمجرور ، لأنّ اسم المكان لا يعمل ، ولا في الظّرف على الصّحيح ، وحينئذ ف «عنك» متعلّق ب «واسع» ، لتضمّنه معنى البعد ، وظاهر كلام المصنّف أنّه متعلّق بالمنتأى ، حيث قال : أي موضع البعد عنك ذو سعة ، وأجيب بأنّه علي رأي من جوّز عمله في الظّرف. والشّاهد في البيت كونه مساويا للمعنى المراد.
(٣) أي شبّه الشّاعر الممدوح حال سخطه ، أي غضب المحبوب.
(٤) أي تخويفه له ، أي شبّه السّلطان حال كونه في تلك الحالة ، وهذه إنّما يناسبها التّشبيه باللّيل بجامع الكدورات.
(٥) أي كان التّقدير لا يحيق المكر السّيئ بأحد إلّا بأهله.
(٦) أي لأنّ التّقدير ، وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع ، أي فأنت مدرك لي فيه ، وجعل جواب الشّرط محذوفا بناء على مذهب البصريّين من أنّ الجواب لا يتقدّم ، وإلّا فلا حذف لكون الجواب هو المقدّم.