إيجاز القصر (١) وهو ما ليس بحذف (٢) نحو : قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(١) (٣) فإنّ معناه (٤) كثير ولفظه يسير] وذلك (٥) لأنّ (٦) معناه أنّ الإنسان إذا علم
________________________________________
الأوساط الّذين لا ينتبهون لإدماج المعاني الكثيرة في لفظ يسير ، والإيجاز بالعكس ، ومقام المساواة كثير مثل أن يكون المخاطب ممّن لا يفهم بالإيجاز ، أو لا يتعلّق غرضه بإدماج المعاني الكثيرة ، ومقام الإيجاز كتعلّق الغرض بالمعاني الكثيرة ، ويكون الخطاب مع من يلتفت إليها ، ولا يحتاج معه إلى بسط.
(١) أي ما يسمّى بإيجاز القصر بكسر القاف على وزن عنب كما حقّقه بعضهم ، وإن كان المشهور فيه فتح القاف وسكون الصّاد.
(٢) أي وهو الكلام الّذي ليس ملتبسا بحذف في نفس تركيبه ، ولكن فيه معان كثيرة اقتضاها بدلالة الالتزام ، أو التّضمّن فالباء للملابسة ، ويصحّ جعلها للسّببيّة ، أي وهو إيجاز ليس بسبب الحذف ، بل بسبب قصر العبارة مع كثرة المعنى.
(٣) أي في نفسه ، ولا يقدر في مشروعيته ، وإلّا كان فيه حذف وسيأتي أنّه لا حذف فيه ، وقوله : (وَلَكُمْ) خبر أوّل ، و (فِي الْقِصاصِ) خبر ثان ، و (حَياةٌ) مبتدأ مؤخّر.
(٤) أي ما قصد إفادته ولو التزاما كثير ولفظه يسير ، أي قليل.
(٥) أي بيان ذلك ، أي كثرة معناه وقلّة لفظه.
(٦) علّة لكون لفظه قليلا ومعناه كثيرا ، زاد معناه ولم يقل : لأنّ الإنسان ، ليكون ذلك إشارة إلى أنّ ما ذكره مدلول قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) فلفظه يسير ومعناه كثير ، ولو قال : لأنّ الإنسان ... ، لكان المتبادر منه أنّه دليل على تضمّن القصاص للحيّاة ، واستلزامه لها ، وهذا ليس بصحيح ، لأنّه مستلزم لأن يكون كلّ ما يتضمّن لها إيجازا ، وهو ممنوع بالضّرورة.
وبالجملة إنّ المراد من قوله : «لأنّ معناه» ، هو المعنى الالتزامي ، وذلك لأنّ المدلول المطابقي لهذا الكلام هو الحكم بأنّ القصاص فيه الحياة للنّاس ، فيستفاد منه أنّ الإنسان إذا علم أنّه قتل لم يقتل ، وترك القتل حياة لهم ، أي إبقاء لحياتهم.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٧٩.