[ولهذا] أي ولعدم دلالته على المقارنة [شرط أن يكن مع قد ظاهرة (١)] ، كما في قوله تعالى : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ)(١) ، [أو مقدورة] كما في قوله تعالى : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)(٢) (٢) ، لأنّ قد (٣) تقرّب الماضي من الحال.
________________________________________
(١) ظاهر كلام الشّارح هو الإطلاق ، وليس الأمر كذلك فإنّ صاحب التّسهيل وغيره قيّدوا ذلك بما إذا لم يكن الماضي تاليا لإلا ، ومتلوّا بأو وإلّا ، فلا يقترن بها ، فلا يقال : ما جاء إلّا وقد ضحك ، ولا لأضربنّه قد ذهب ، أو مكث ، بل يتعيّن حذفها نحو : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ)(٣) ، والشّاهد في قوله تعالى : (كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) ، حيث وقع موضع الحال ، ولم يقترن بقد لوقوعه بعد إلّا.
وكما في قوله : كن للخليل نصيرا جار أو عدل ، ولا تشحّ عليه جادا أو بخلا ، والشّاهد في قوله : (جار) في المثال الأوّل ، و (جاد) في المثال الثّاني حيث وقعا في موضع الحال ، ولم يقترنا بقد ، لكونهما متلوين بأو.
(٢) أي قد حصرت صدورهم ، هذا على ما ذهب إليه المشهور ، وأمّا سيبويه وابن مالك فلم يلتزما به حيث إنّ الأوّل لم يجوّز حذف قد من الماضي المثبت ، والتزم بأن (حَصِرَتْ) في الآية لم يقع حالا ، بل هو صفة لموصوف مقدّر ، أي أو جاؤوكم قوم حصرت صدورهم ، والثّاني ادّعى وقوع الماضي حالا من دون قد مستدلا بوقوع الماضي حالا في غير موضع من دون قد ، والتّقدير خلاف الأصل فيحتاج إلى الدّليل ، ولم يقم على لزومه دليل.
(٣) علّة لاقتران الماضي المثبت مع قد ، قال ابن هشام : الثّاني من معاني قد الحرفيّة تقريب الماضي من الحال ، تقول : قام زيد ، فيحتمل الماضي البعيد ، فإن قلت : قد قام اختصّ بالقريب.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٤٠.
(٢) سورة النّساء : ٩٠.
(٣) سورة الأنعام : ٤.