والإشكال المذكور (١) وارد ههنا (٢) ، وهو (٣) أنّ الحال الّتي نحن بصددها غير الحال الّتي تقابل الماضي ، وتقرّب قد الماضي منها ، فتجوز (٤) المقارنة إذا كان الحال والعامل ماضيين ، ولفظ قد إنّما يقرّب الماضي (٥) من الحال الّتي هي زمان التّكلّم وربّما يبعّده (٦) عن الحال الّتي نحن بصددها ،
________________________________________
(١) أي الإشكال المذكور فيما مضى ، وهو ما ذكره بقوله ، وفيه نظر عند قوله : «أمّا المقارنة فلكونه مضارعا».
(٢) أي وارد على التّعليل المذكور بقولهم : لأنّ تقرّب الماضي من الحال.
وحاصل ما ذكره من الإشكال أنّ الحال الّتي انتفت عن الماضي ، ويدلّ عليها المضارع ، وتقرّب قد إليها هي زمان التّكلّم ، وهي خلاف الحال الّتي نحن بصددها ، وربّما بعدت قد عنها ، كما ذا قلت : جاءني زيد في السّنة الماضية وقد ركب ، فإنّ مجيئه في السّنة الماضية في حال الرّكوب ينافيه قرب الرّكوب من زمان التّكلّم الّذي هو مفاد قد.
(٣) أي الإشكال المذكور أنّ الحال الّتي نحن بصددها ، وهي الحال النّحويّة أعني الصّفة الّتي يقارن مضمونها مضمون العامل بأن يكون زمانهما واحد ، «غير الحال الّتي تقابل الماضي» أي تغايرها ، وإنّما كانت غيرها لأنّ الحال الّتي يدلّ عليها المضارع ، وتقابل الماضي ، وتقرّب قد الماضي منها زمان التكلّم غير الصّفة الّتي يقارن مضمونها مضمون عاملها بالضّرورة.
(٤) تفريع على مغايرة الحالين ، أي وإذا كانت الحال الّتي نحن بصددها ، وهي النّحويّة غير الزّمانيّة ، فتجوز المقارنة المرادة هنا ، أعني مقارنة مضمون الحال النّحويّة لمضمون عاملها في الزّمان إذا كانت تلك الحال وعاملها ماضيين ، كقولك : جاءني زيد ركب.
(٥) أي لفظ من في قوله : من الحال ، بمعنى إلى ، أي لفظ قد إنّما يقرّب الماضي إلى الحال الّتي هي زمان التّكلّم ، وهذه ليست مما نحن بصدده ، ولا يقرّب الحال الّتي نحن بصددها من زمان عاملها ، وهو المطلوب هنا.
(٦) أي ربّما تبعّد قد الماضي الواقع حالا عن مقارنة مضمون العامل ، وذلك كما لو كان العامل ماضيا ، والحال كذلك ، فإذا اقترنت الحال بقد صارت قريبة من الحال فلا يحصل التّقارن ، وحينئذ فوجودها مع الماضي مضرّ بالمطلوب.