المثلين] من جهة أنّه (١) يسبق إلى الوهم أنّهما نوع واحد زيد (٢) في أحدهما عارض بخلاف العقل ، فإنّه (٣) يعرف أنّهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس هو اللون ، [ولذلك] أي ولأنّ الوهم يبرزهما (٤) في معرض المثلين [حسن الجمع بين الثّلاثة الّتي (٥) في قوله :
________________________________________
معرض المثلين ، أي يظهرهما في صفة المثلين ، و «معرض» بوزن مسجد وهو في الأصل مكان عروض الشّيء.
(١) أي الشّأن «يسبق إلى الوهم» لمكان عدم غاية الخلاف بينهما «أنّهما» أي البياض والصّفرة صنفان لنوع واحد.
(٢) فعل مجهول من الزّيادة «وعارض» نائب للفاعل ، ثمّ حدّ الزّيادة إن جعل البياض ، فالعارض هو الإشراق والصّفاء الّذي لا يخرجه عن حقيقة الصّفاء ، وإن جعل الصّفرة ، فالعارض هو الكدرة الّتي لا تخرجه عن الحقيقة فهما نوع واحد عند الوهم.
والسّرّ في ذلك أنّ الوهم ليس دقيقا في إدراكه ، فحيث يرى أنّ الصّفرة والبياض ليس بينهما بينونة ، كما هي بين السّوادّ والبياض يسبق إليه أنّهما من نوع واحد كالسّوادّ والحمرة ، فيحتال على الجمع عند المتخيّلة بخلاف العقل فإنّه له دقّة وتأمّل ، ولذا يرى أنّهما ليسا من نوع واحد ، بل هما نوعان مختلفان ، فلا يحكم باجتماعهما في المفكّرة ، ولو حكم به فإنّما يحكم بتبع الوهم ، وعند الذّهول عمّا في الواقع ، وعدم الدّقّة فيه ، وإلّا فهو عند الملاحظة الحقيقيّة يحكم بأنّهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس هو اللّون.
(٣) أي فإنّ العقل «يعرف أنّهما» أي الصّفرة والبياض «نوعان متباينان داخلان تحت جنس هو اللون».
(٤) أي لأجل أنّ الوهم يبرز الشّيئين اللّذين بينهما شبه تماثل في معرض المثلين «حسن الجمع بين الثّلاثة» ، أي حسن الجمع بالعطف بين الثّلاثة المتباينة في الحقيقة النّوعيّة ، لأنّ الوهم تخيّل فيها تماثلا ، كما تخيّله في البياض والصّفرة.
(٥) أي الّتي وجدت في قول الشّاعر ، وهو محمّد بن وهب يمدح المعتصم بالله ، وذكره بكنية أبي إسحاق صونا لاسمه أن يجري على الألسنة.