النيابة ، ضعيف ، حيث إنّ شمول العموم فرع إمكان صدور الفعل المأمور به من النائب حتى يعقل إمضاؤه شرعا بعمومات الوكالة ، وهو موقوف على عدم كون المباشرة قيدا في المأمور به ، وهو خلاف ظواهر الأدلّة.
والفرق بين الاستنابة والتسبيب : أنّ موضوع الوجوب فيما يجوز فيه التسبيب هو مطلق الفعل الصادر من الشخص مباشرة أو تسبيبا ، فلا يعتبر في حصول الامتثال فيه إلّا قصد المكلّف ، وأمّا المباشر فهو بمنزلة الآلة ، فيجوز أن يكون صبيّا أو مجنونا أو كافرا ، وأمّا موضوع الوجوب في العبادات القابلة للنيابة فليس إلّا الفعل الصادر من نفس المكلّف وإنّما دلّ الدليل الخارجي على جواز تنزيل الغير نفسه منزلة المكلّف في امتثال الأمر المتعلّق به والقيام بوظيفته ، فالمتصدّي للنيّة إنّما هو النائب بعد تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه ، لا المكلّف ، فالدليل الدالّ على جواز النيابة حاكم على ما دلّ على وجوب إيجاد الفعل على المكلّف مباشرة بمعنى أنّه يدلّ على جواز تنزيل غير المكلّف نفسه منزلة المكلّف في إيجاد ما يجب عليه إيجاده بالمباشرة.
ولكنّك خبير بأنّ جواز الاستنابة بالمعنى المذكور أمر لا تفي بإثباته العمومات الدالّة على صحّة عقد الوكالة حتى يدّعى حكومتها على ظواهر الأدلّة ، بل الظواهر حاكمة عليها ، كما لا يخفى.
فظهر لك أنّ مقتضى القاعدة : عدم جواز التولية والاستنابة في الوضوء.
ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ما ذكرنا ـ الإجماعات المحكيّة المستفيضة.