__________________
=
أُصيب بسهمٍ لكنّ المنيّة المحتومة عاجلتهُ فذهب شهيداً الى ربه ، وخوفاً على جثته من بني امية عمد بعضُ منْ ثبتَ معه في القتال بعد تفرّق الباقين من اصحابه الى دفنه في نهرٍ يقع الآن قرب الحلة ، وبعد وشايةٍ وصلت الى هشام بموضع قبره في النهر أمر الطاغية هشام لعينه يوسف الثقفي بنبش قبره ثم صلبه عياناً أمام الناس وهو عريان قرابة اربعة سنوات.
وقد نقل الشبلنجي في نور الابصار عن تاريخ بن عساكر : إن العنكبوت نسجت على عورة زيد لما صُلب عرياناً وأقام مصلوباً أربع سنين.
وبعدها أنزلوه ثم حرقوا جثته وذروها في الهواء. وقد ذكرت المصادر التاريخية أن الإمام الباقر عليهالسلام بكى عليه كثيراً وترحّم عليه ، وكذلك إمامنا الصادق عليهالسلام وكان ما يقول عليهالسلام : « رحمَ اللهُ عمي زيداً » ويكثر عليه البُكاء. بل ذكر الشيخ الصدوق : لما بلغ الإمام الصادق عليهالسلام خبر استشهاده بكى عليه وقال : « إنا لله وإنا إليه راجعون ، عند الله أحتسبُ عمي زيداً ، مضى والله عمّي شهيداً. عيون أخبار الرضا ١ / ٢.
لمّا وصل الى الشام خبر استشهاده وصلبه أنشد الحكم بن العباس الكلبي هذه الابيات يُشمت بها ببني هاشم :
صلبنا لكم زيدا على جذعِ نخلةٍ |
|
ولم نرَ مهديّاً على الجذع يُصلبُ |
وقستمُ بعثمانٍ علياً سفاهة |
|
وعثمانُ خيرٌ من عليّ وأطيبُ |
فلما سمع الإمام الصادق عليهالسلام بهذه الابيات قال : « اللهم إن كان كاذباً فسلّطْ عليه كلباً » واثناء توجّه الشاعر الى الكوفة أفترسه سبعٌ في الطريق فلما بلغ الصادق عليهالسلام ذلك حمد الله وقال : « الحمد لله الذي أنجز لنا ما وعدنا ».
ونقل الشيخ المفيد : لمّا بلغ الإمام الصادق عليهالسلام خبر قتل زيد حزن حزناً شديداً وفرق من ماله في عيال منْ أصيب معه في القتال. وكان مقتله لليلتين خلتْ من صفر سنة ١٢٠ هـ وقيل ١٢١ هـ وكان عمره يومذاك ٤٢ سنة وخلّف زيد بعد استشهاده أربعة أولاد ذكور ومن أبرزهم ولده الشهيد يحيى بن زيد.
وهكذا مضى هذا الثائر العظيم كآبائه وأجداده شهيداً رافضاً للظلم والذلّ وهذا هو ديدن آل محمد صلىاللهعليهوآله عبر العصور ، وكثيراً ما كان الائمة عليهمالسلام كالباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا عليهالسلام يترحمون عليه ويصفونه بالشهيد المظلوم ، فسلامٌ عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.